الثالث:
الجماع؛ ذكرا كان الموطوء أو انثى، إنسانا أو حيوانا، قبلا أو دبرا، حيّا أو
ميّتا، صغيرا أو كبيرا، واطئا كان الصائم أو موطوءا. فتعمّد ذلك مبطل و إن لم
ينزل، و لا يبطل مع النسيان أو القهر السالب للاختيار، دون الإكراه؛ فإنّه مبطل
أيضا، فإن جامع نسيانا أو قهرا، فتذكّر أو ارتفع القهر في الأثناء، وجب الإخراج
فورا، فإن تراخى بطل صومه. و لو قصد التفخيذ مثلا فدخل بلا قصد لم يبطل، و كذا لو
قصد الإدخال و لم يتحقّق؛ لما مرّ من عدم مفطريّة قصد المفطر. و يتحقّق الجماع
بغيبوبة الحشفة أو مقدارها، بل لا يبعد إبطال مسمّى الدخول في المقطوع و إن لم يكن
بمقدارها (1).
(1) في هذا الأمر جهات من الكلام:
الاولى:
في مفطريّة الجماع في الجملة، و الظاهر أنّه ممّا لا إشكال فيه و لا خلاف بين
المسلمين، بل لعلّه من الضروريّات [1]، و يدلّ عليه قبل كلّ شيء قوله- تعالى-:
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ[2]، و قد وردت فيه روايات مستفيضة، منها:
صحيحة محمد بن مسلم المتقدّمة الدالّة على أنّه من الثلاثة أو الأربعة التي يجب
الاجتناب عنها للصائم.
الثانية:
الظاهر أنّه لا فرق في مفطريّة الجماع بين الموارد المذكورة في المتن و إن كان
ربما يتخيّل- لأجل التعبير بالنساء في الصحيحة المتقدّمة- الاختصاص بإتيان الأهل،
لا لأنّها محلّلة في نفسها، بل لأنّها انثى أوّلا، و لعلّ الظاهر صورة وطء المرأة
قبلا، بل و لعلّه يختصّ بصورة الإنزال، مع أنّ الظاهر العموميّة في الجانبين،