والجمع
بين الطائفتين أن يقال: إنّ المراد بعدم التقيّة فيما ذكر ليس كونه مستثنى من عمومات
التقيّة حتّى ينافي الطائفة الثانية، بل المراد أنّه لا موقع للتقيّة فيه غالباً؛
لعدم وجوب شرب النبيذ والمسح على الخفّين عندهم حتّى يكون تركهما مخالفاً
لطريقتهم.
وأمّا
متعة الحجّ، فيمكن الإتيان بها من دون التفاتهم؛ لأنّهم أيضاً إذا دخلوا مكّة
يطوفون ويسعون، وعمرة التمتّع لا تزيد عليهما، والنيّة أمر قلبيّ لا يطّلع عليه
الناس، والتقصير أيضاً يمكن إخفاؤه عنهم؛ إذ هو يتحقّق بمجرّد نتف شعر واحد، أو
قصّ ظفر كذلك.
ويمكن
أن يكون وجه الجمع هو: أنّ الأئمّة عليهم السلام كانوا لا يتّقون بأنفسهم في
المذكورات؛ لكون الفتوى بحرمة النبيذ والمسح على الخفيّن، وجواز متعة الحجّ
معروفاً عنهم، بحيث يعرفه خلفاء الجور منهم، وذلك لا يوجب أن لا يتّقي فيه الشيعة
أيضاً.
ويؤيّده
هذا الوجه ما في ذيل صحيحة زرارة المتقدّمة من قوله
[1]: ولم يقل: الواجب عليكم أن لا تتّقوا فيهنّ أحداً.
وكيف
كان، فرفع اليد عن عمومات دليل الحرج [2]، وحديث الرفع [3]، وعمومات التقيّة، وخصوص الروايات المتقدّمة- الدالّة على جريان
التقيّة في
[3] الفقيه 1: 36 ح 132، الخصال: 417 ح 9،
التوحيد: 353 ح 24، الكافي 2: 462- 463 ح 1 و 2، نوادر ابن عيسى: 74 ح 157- 159،
وعنها وسائل الشيعة 7: 293، كتاب الصلاة، أبواب قواطع الصلاة ب 37 ح 2 و ج 8: 249،
أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 30 ح 2، وج 15: 369- 370، كتاب الجهاد، أبواب جهاد
النفس ب 56 ح 1- 3، وج 23: 237، كتاب الأيمان 16 ح 3- 5.