الثانية: إنّ بعض الروايات صرّحت بالنهي عن الإعادة مضافاً إلى الأمر
بالمضيّ فلابدّ من حمل النهي عن الإعادة على الإرشاد إلى عدم لزوم الإعادة حسب
كلام هذا المحقق العظيم مع أنّ ذلك خلاف الظاهر فقد جاء في صحيحة محمد بن مسلم عن
الإمام الباقر (ع):
كلّ
ما شككت فيه بعدما تفرغ من صلاتك فامض ولا تعد
[1] حيث إنّ ظاهرها
أنّ الشارع قد تعبّد المكلّف في هذه الموارد من الشك بالمضيّ وبعدم الإعادة فلا
يمكن جعل ذلك إرشاداً إلى عدم لزوم الإعادة، ولاسيّما أنّ بعض الروايات علّلت هذا
التعبّد بأنّ هذه الشكوك عادةً معلولة للشيطان ونفوذه في الصلاة فقد جاء في موثقة
فضيل: (
قلت
لأبي عبد الله (ع) أستتمّ قائماً فلا أدري ركعت أولا؟ قال: بلى قد ركعت فامض في
صلاتك فإنّما ذلك من الشيطان
الثالثة: إنّ ما قيل من أن عبارة (قد ركعت) تعبّد ظاهري بإتيان الركوع وهي
حكم ظاهري موافق لأصل الاحتياط وإن كان صحيحاً وواضحاً وأنّ الأحكام الظاهرية
إنّما هي لأجل التأمين والمعذّرية لكن يمكن أن نستخرج من هذه الروايات أنّ الشارع
في خصوص هذه الموارد هو في مقام النهي عن الاحتياط، كما أنّه لو ترتّب على
الاحتياط حرج أو ضررٌ لم يترتّب عليه حسنٌ وكان الشارع في هذه الموارد حاكماً بعدم
الاحتياط.
وبعبارة
أخرى يمكن أن نقول: أنّ المستفاد من الروايات التوسعة في متعلّق
[1]. محمد بن حسن الطوسي: تهذيب الأحكام 2: 378
حديث 1460، محمد بن حسن الحر العاملي: وسائل الشيعة 8: 246 باب 27 من أبواب الخلل
الواقع في الصلاة حديث 2.
[2]. محمد بن حسن الطوسي: تهذيب الاحكام 3: 151
حديث 50، محمد بن حسن الحر العاملي: وسائل الشيعة 6: 317 باب 13 من أبواب الركوع
حديث 3.