حيث
استقرّت سيرة المتشرعة العملية على أنّهم إذا قاموا إلى عمل عبادياً كان أو غيره
جاؤوا به على شكله الصحيح، على سبيل المثال فإنّ المصلّي عندما يتمّ صلاته لا
يفكّر في إعادة صلاته أو قضائها نهائياً إذ يعتقد أنّه صلّى صلاة صحيحة، نعم يمكن
لبعض العظماء أن يعيدوا بعض أعمالهم العبادية من باب الاحتياط إلّا أنّه لا يحكم
أيّ مكلّف متشرع على نفسه بإعادة أعماله بمجرد الشكّ في أنّها هل صدرتْ منه على
الشكل الصحيح أو لا؟
مناقشة
هذا الدليل:
يرد
على حجية هذه السيرة ما ورد على الإجماع العملي حيث يحتمل أن تكون السيرة مدركيةً
أيْ أنّ سيرة المتشرعة هذه مبتنية على فتوى الفقهاء أو الروايات أو أي دليل آخر
فتصبح هذه السيرة فاقدة للاعتبار والحجية كالإجماع المدركي، لاستناد هذه السيرة
إلى فتاوى الفقهاء.
فلو
سئل الفقهاء عن حكم الوضوء مثلًا فيما لو شكّ في صحته بعد الانتهاء منه فهل تجب
الإعادة؟ لأجابوا بالنفي وعدم وجوب الإعادة، وعلى هذا لا يمكن لسيرة المتشرعة أن
تقع دليلًا لقاعدة الفراغ والتجاوز.
3-
سيرة العقلاء:
قام
بناء العقلاء وجرتْ سيرتهم على أنّ المكلّف المختار العالم بأجزاء المأمور به
وشرائطه إذا أتى بالمأمور به منه عدّوا عمله تامّاً وصحيحاً، ويمكن أن يدّعى ذلك
في قاعدة الفراغ بأن يقال: إنّ المكلّف لو أتى بالعمل وشكّ بعد الفراغ في صحّة
عمله فإنّ قاعدة الفراغ تقتضي صحّة هذا العمل.