أمّا
على مذهب القائلين بعموم جريان قاعدة التجاوز- كما ثبت ذلك عندنا- فيكون خروج هذه
الأبواب الثلاثة من جريان قاعدة التجاوز من باب التخصيص فالأولى أن نبحث كلًا من
الوضوء والغسل والتيمم على نحو الاستقلال لتتّضح لنا المسألة بوضوح أكثر:
عدم
جريان قاعدة التجاوز في الوضوء:
ذُكر
في الكتب الفقهية وكلمات الفقهاء ثلاثة أدلّة استدلّوا بها على خروج الوضوء من
قاعدة التجاوز الكليّة:
أ:
الإجماع: ذكر الفقهاء أنّ الإجماع قائم على أنّ قاعدة التجاوز غير جارية في
الوضوء [2] ومن هنا أفتوا بوجوب إعادة غسل الوجه
فيما لو شك المكلّف حين غسل اليدين في أنّه هل غسل وجهه أولا، وعليه لابدّ من
إعادة الوضوء [3] وهذا من المواضع التي نُقل فيها
الإجماع على نحو الاستفاضة.
ب-
الروايات: استدلّ مضافاً إلى الإجماع بعدّة روايات في هذا المجال وها نحن نبدأ
بدراستها وتحليلها:
[1]. رأيه هو أنّه: (لا خصوصية للطهارات الثلاث
حتى قال: إنّها خارجة عن عموم قاعدة التجاوز بالتخصيص للأخبار والإجماع فإنّه لا
عموم في القاعدة حتّى يكون خروجها بالتخصيص) فوائد الأصول 4: 626.
[2]. على سبيل المثال: المحقق العراقي في نهاية
الأفكار ج 4 قسم 2 ص 46 يقول: (فإنّهم أجمعوا على أن الشاكّ في فعل من أفعال
الوضوء قبل إتمام الوضوء يجب عليه العود لإتيان المشكوك فيه)، ويقول المحقّق
البجنوردي في القواعد الفقهية 1: 351: (أمّا بالنسبة إلى الوضوء فمضافاً إلى
الإجماع على عدم جريان القاعدة صحيحة زرارة)، ويقول الشيخ الأنصاري في فرائد
الأصول 3: 336: (فإنّهم أجمعوا على أن الشاك في فعلٍ من أفعال الوضوء قبل إتمام
الوضوء يأتي به وإن دخل في فعل آخر).
[3]. على سبيل المثال يقول المرحوم النجفي في
جواهر الكلام 2: 354: (وكذا لو تيقّن ترك غسل عضو أو مسحه أتى به إجماعاً محصّلًا
ومنقولًا وسنةً بالخصوص).