من
البعيد والمشكل جداً احتمال كون الآية متعلقة بالمستحبات، لورود الأمر والنهي فيها
كذلك، ومن جهة أخرى، فقد ذكر متعلق خاص ومحدَّد فيها، حيث إنها عبارة عن قوله
تعالى ما كَسَبْتُمْ وقوله تعالى مِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ.
حيث
يذكر تعالى في البداية: يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا
لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وثم يقول وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ[1].
وفي
الجمع بين هذا الأمر والنهي توجد نقطة هامة.
فإذا
أمر المولى في مورد ما بالقيام بشيء ونهى عن الترك، فإن هذا النهي عن الترك قرينة
واضحة على أن الأمر ظاهر في الوجوب.
فإن
أُشكِل بأن هذا المطلب صحيح في حال تعلق النهي في الترك عن الإنفاق، أما في هذه
الآية فإن النهي قد تعلق بنوع من الإنفاق، ويوجد فرق بينهما، وبعبارة أخرى: يمكن
القول بأن الآية الكريمة ليست في مقام بيان أصل الوجوب، وتفيد معنىً آخر نظير
الآية الشريفة إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ.
حيث
يريد أن يقول بأن إنفاقاتكم لا تكون مقبولة إلا من الأموال المحلّلة لا المحرّمة
الصرفة أو المخلوطة بين الحلال والحرام، فالآية الكريمة في مقام بيان كيفية
الإنفاق الصحيح والمقبول عند الله، ولا تريد الآية أن تبين أصل الوجوب أو
الاستحباب.
ونقول
في الجواب عن ذلك:
أولًا: إن متعلق الإنفاق في الأمر والنهي واحد، فإنه وإن لم يوجد القسم
الثاني من الآية أي النهي، فإن مفهوم صدر هذه الآية يتمثل بعدم الإنفاق من غير