فلو كانت المفاهيم الدينية مفاهيم غير قطعية وإدراكات متزلزلة تتبدّل كل يوم إلى معنى يغاير الأوّل، فلا تحصل الغاية السامية من إنزال الكتب وبعث الرسل، لأنّهم بعثوا لإيجاد الإيمان القاطع باللّه سبحانه وكتبه ورسله.
نعم إن هذه المسائل وأشباهها التي اشتهرت باسم الكلام الجديد، وذكرنا في المقام نماذج منها، كانت تتبلور في الغرب وتهز أركان الكنائس وتُضعف قدرتهم، وقد قوبلت في الغرب بقيام رجال مخلصين، تصدّوا لهذه الشبه ونقدوها أفضل النقد، وقد ألفوا في ذلك مئات الكتب، ولا يزال ينتشر في كلّ شهر أو أسبوع حول المواضيع المذكورة كتاب أو رسالة، وقد وصلت موجة هذه الشبه إلى الشرق عبر مَن تخرج من المعاهد الغربية دون أن تترسخ في أذهانهم المبادئ الدينية والعلمية، فتأثروا بذلك وحسبوها حقائق راهنة ، وأخذوا ينشرونها في الجامعات زاعمين أنّها منهاج فلسفي ثمين، غفل عنه الإسلاميون وانتبه له الغربيون.
مخطط الغربيّين لضرب الثقافة الإسلامية
بدأ الغربيّون يسيطرون على البلاد الإسلامية بفضل تفوّقهم الصناعي، يقودهم جند الاستشراق الذين يعرفون ما يملك المسلمون من طاقات مادية ومعنوية.