لقد شاع على ألسن بعض الجامعيين الجُدد عنوانُ «علم الكلام الجديد» و هم يلهجون به بفم ملؤه الإعجاب والاعتبار، ويبدو لأوّل وهلة أنّ هناك علمين مختلفين أحدهما «الكلام القديم» والآخر «الكلام الجديد» ولكلّ تعريف وموضوع ومسائل وغاية.
ولكن الحقيقة غير ذلك، إذ ليس ثمّة علمان مختلفان، من حيث الموضوع والغاية، بل هو علم واحد يتكامل عَبْر الزمان حسب تكامل الحضارة وتفتّح العقول، وليس ذلك أمراً شاذاً في علم الكلام، بل هو جار في سائر العلوم أيضاً، فعلم النحو مثلاً لم يكن يوم ظهوره إلاّ عدّة مسائل ألقاها علي عليه السَّلام على تلميذه أبي الأسود الدؤلي وأمره بأن ينحو نحوها، ثمّ أُضيف إليه في كلّ عصر مسائل حتّى تكامل وصار علماً متكامل الأطراف.