وقد اختلفت كلمة شرّاح الحديث في تعيين هوَلاء الاَئمّة، ولا تجد
بينها كلمة تشفي العليل، وتروي الغليل، إلاّ ما نقله الشيخ سليمان البلخي
القندوزي الحنفيّ في ينابيعه عن بعض المحقّقين، قال:
«انّ الاَحاديث الدالّة على كون الخلفاء بعده اثني عشر، قد اشتهرت
من طرق كثيرة، ولا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من
الصحابة، لقلّتهم عن اثني عشر، ولا يمكن أن يحمل على الملوك الاَُمويّين
لزيادتهم على الاثني عشر ولظلمهم الفاحش إلاّ عمر بن عبد العزيز... ولا
يمكن أن يحمل على الملوك العباسيين لزيادتهم على العدد المذكور
ولقلّة رعايتهم قوله سبحانه:
(قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المَودَّةَ فِي الْقُرْبى) .
وحديث الكساء، فلابد من أن يحمل على الاَئمة الاثني عشر من أهل
بيته وعترته، لاَنّهم كانوا أعلم أهل زمانهم، وأجلّهم، وأورعهم ، وأتقاهم،
وأعلاهم نسباً، وأفضلهم حسباً، وأكرمهم عند اللّه، وكانت علومهم عن
آبائهم متصلة بجدّهم ـ صلّى اللّه عليه وآله وسلم ـ وبالوراثة اللّدنية، كذا
عرّفهم أهل العلم و التحقيق، وأهل الكشف والتوفيق.
ويوَيّد هذا المعنى ويرجّحه حديث الثقلين و الاَحاديث المتكثّرة
المذكورة في هذا الكتاب وغيرها». [2]
[1]راجع صحيح البخاري:9|81، باب الاستخلاف؛ صحيح مسلم:6|3، كتاب الاَمارة، باب الناس تبع لقريش؛ مسند
أحمد:5|86ـ 108؛ مستدرك الحاكم: 3|618. [2]ينابيع المودَّة:446، ط استنبول، عام 1302.