أنّ الاِنسان جبل على التحوّل والتكامل، فهو يرى نفسه في كلّ يوم
أعقل من سابقه وانّ ما صنعه اليوم أكمل وأجمل ممّا أتى به الاَمس، وهناك
كلمة قيّمة للكاتب الكبير عماد الدين أبي محمّد بن حامد الاِصفهاني
(المتوفّى 597هـ) يقول فيها:
«إنّي رأيت انّه لا يكتب إنسان كتاباً في يومه، إلاّقال في غده لو غيّر
هذا لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل
ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء
النقص على جملة البشر» هذا من جانب.
ومن جانب آخر، انّ القرآن نزل نجوماً في مدّة تقرب من ثلاث و
عشرين سنة في فترات مختلفة وأحوال متفاوتة من ليل ونهار، وحضر
وسفر، وحرب وسلم وضرّاء وسرّاء وشدّة ورخاء، ومن المعلوم انّ هذه
الاَحوال توَثّر في الفكر والتعقّل.
ومن جانب ثالث، انّ القرآن قد تعرّض لمختلف الشوَون وتوسّع فيها
أحسن التوسع، فبحث في الاِلهيّات والاَخلاقيات والسياسيات
والتشريعيات والقصص وغير ذلك، ممّا يرجع إلى الخالق والاِنسان
والموجودات العلوية