الثاني: لو كان عجز العرب عن المقابلة لطارىَ مباغت أبطل قواهم
البيانية، لاَُثر عنهم أنّهم حاولوا المعارضة ففوجئوا بما ليس في حسبانهم،
ولكان ذلك مثار عجب لهم، ولاَعلنوا ذلك في الناس، ليلتمسوا العذر
لاَنفسهم وليقلّلوا من شأن القرآن في ذاته. [3]
الثالث: لو كان الوجه في إعجاز القرآن هو الصرفة كما زعموا، لما
كانوا مستعظمين لفصاحة القرآن، ولما ظهر منهم التعجب لبلاغته وحسن
فصاحته كما أثر عن الوليد بن المغيرة، فإنّ المعلوم من حال كلّ بليغ فصيح
سمع القرآن يتلى عليه، انّه يدهش عقله ويحير لبّه وما ذاك إلاّ لما قرع
مسامعهم من لطيف التأليف وحسن مواضع التصريف في كلّ موعظة
وحكاية كلّ قصَّة، فلو كان كما زعمه أهل الصرفة لم يكن للتعجب من
فصاحته وجه، فلمّا علمنا بالضرورة إعجابهم بالبلاغة، دلَّ على فساد هذه
المقالة. [4]
[1]الاِسراء:88. [2]اُنظر بيان إعجاز القرآن:21. [3]لاحظ مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني:2|314. [4]الطراز: 3|393ـ 394، وهناك مناقشات أُخرى على نظرية الصرفة مذكورة في الاِلهيات:2|327ـ332.