وقد أوضحنا دلالة الآية على وجوب الخمس في كلّ ما يفوز به الإنسان، وقد اعترف بما ذكرنا القرطبي[2] إلاّ أنّه خصص مضمون الآية بالمعروف عند المتشرعة على عدم وجوبه في غيرالغنائم الحربيّة، وعلى ما ذكرنا فمفاد الآية أنّ كلّما يصدق عليه الغنم ففيه الخمس.
نعم هناك فرق بين الزكاة والخمس، فالأُولى للفقراء ومصالح المسلمين والنبي الأكرم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ كان مأموراً بالأخذ . قال سبحانه:«خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ» .[3] فلأجل ذلك كان يبعث العمّال لأخذ الزكوات، وهذا بخلاف الخمس فانّه حقّ له ولأقربائه ـ وإن لم يكن ملكاً شخصياً له ـ فلم يؤمر بالأخذ، بل أمر الناس بالدفع حيث خوطبوا بقوله سبحانه: «وَاعْلَمُوا انَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء» ولأجل ذلك تطلب الزكاة من الناس، دون الخمس الذي هو حقّ له وقد أمر الناس بالدفع.
هذا كلّه حول دلالة الآية، وإليك الكلام في شرعية الخمس في عهود النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ومكاتيبه.
تضافرت الروايات على أنّ الرسول الأكرم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ كان يطلب في رسائله إلى
[1] الأنفال:41. [2] الجامع لأحكام القرآن:8/1. [3] التوبة:103.
نام کتاب : الخمس في الشريعة الإسلامية الغرّاء نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 268