responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 99

و كل إنسان فإنه صديق نفسه،و لكنه صديق جاهل.فلذلك تعمل به ما لا يعمل به العدو.

قسمة ثانية.

اعلم أن الأسباب الدنيوية مختلطة،قد امتزج خيرها بشرها،فقلما يصفو خيرها كالمال،و الأهل،و الولد،و الأقارب،و الجاه،و سائر الأسباب.و لكن تنقسم إلى ما نفعه أكثر من ضره،كقدر الكفاية من المال و الجاه و سائر الأسباب،و إلى ما ضره أكثر من نفعه في حق أكثر الأشخاص،كالمال الكثير و الجاه الواسع،و إلى ما يكافئ ضرره نفعه.و هذه أمور تختلف بالأشخاص.فرب إنسان صالح ينتفع بالمال الصالح و إن كثر،فينفقه في سبيل اللّه،و يصرفه إلى الخيرات،فهو مع هذا التوفيق نعمة في حقه.و رب إنسان يستضر بالقليل أيضا،إذ لا يزال مستصغرا له، شاكيا من ربه،طالبا الزيادة عليه،فيكون ذلك مع هذا الخذلان بلاء في حقه

قسمة ثالثة.

اعلم أن الخيرات باعتبار آخر تنقسم إلى ما هو مؤثر لذاته لا لغيره، و إلى مؤثر لغيره،و إلى مؤثر لذاته و لغيره.فالأول:ما يؤثر لذاته لا لغيره كلذة النظر إلى وجه اللّه تعالى،و سعادة لقائه،و بالجملة سعادة الأخرى التي لا انقضاء لها،فإنها لا تطلب ليتوصل بها إلى غاية أخرى مقصودة وراءها،بل تطلب لذاتها الثاني:ما يقصد لغيره و لا غرض أصلا في ذاته،كالدراهم و الدنانير،فإن الحاجة لو كانت لا تنقضي بها لكانت هي و الحصباء بمثابة واحدة .و لكن لما كانت وسيلة إلى اللذات،سريعة الإيصال إليها،صارت عند الجهال محبوبة في نفسها،حتى يجمعوها و يكنزوها،و يتصارفوا عليها بالربا،و يظنون أنها مقصودة.و مثال هؤلاء مثال من يحب شخصا.فيحب بسببه رسوله الذي يجمع بينه و بينه،ثم ينسى في محبة الرسول محبة الأصل،فيعرض عنه طول عمره؟ و لا يزال مشغولا بتعهد الرسول و مراعاته و تفقده،و هو غاية الجهل و الضلال.

الثالث :ما يقصد لذاته و لغيره،كالصحة و السلامة،فإنها تقصد ليقدر بسببها على الذكر و الفكر الموصلين إلى لقاء اللّه تعالى،أو ليتوصل بها إلى استيفاء لذات الدنيا.و تقصد أيضا لذاتها،فإن الإنسان و إن استغنى عن الشيء الذي تراد سلامة الرجل لأجله،فيريد أيضا سلامة الرجل من حيث إنها سلامة.فإذا المؤثر لذاته فقط هو الخير و النعمة تحقيقا، و ما يؤثر لذاته و لغيره أيضا فهو نعمة و لكن دون الأول،فأما ما لا يؤثر إلا لغيره كالنقدين

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست