responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 71

فهذه ثلاث درجات .فالأولى:لا يدخل فيها معنى الشكر أصلا،لأن نظر صاحبها مقصور على الفرس،ففرحه بالفرس لا بالمعطى.و هذا حال كل من فرح بنعمة من حيث إنها لذيذة و موافقة لغرضه،فهو بعيد عن معنى الشكر.و الثانية داخلة في معنى الشكر من حيث إنه فرح بالمنعم،و لكن لا من حيث ذاته،بل من حيث معرفة عنايته التي تستحثه على الإنعام في المستقبل.و هذا حال الصالحين الذين يعبدون اللّه و يشكرونه،خوفا من عقابه،و رجاء لثوابه.و إنما الشكر التام في الفرح الثالث :و هو أن يكون فرح العبد بنعمة اللّه تعالى،من حيث إنه يقدر بها على التوصل إلى القرب منه تعالى،و النزول في جواره،و النظر إلى وجهه على الدوام.فهذا هو الرتبة العليا.و أمارته أن لا يفرح من الدنيا إلا بما هو مزرعة للآخرة،و يعينه عليها.و يحزن بكل نعمة تلهيه عن ذكر اللّه تعالى و تصده عن سبيله،لأنه ليس يريد النعمة لأنها لذيذة،كما لم يرد صاحب الفرس الفرس لأنه جواد و مهملج،بل من حيث إنه يحمله في صحبة الملك،حتى تدوم مشاهدته له،و قربه منه.و لذلك قال الشبلي رحمه اللّه.الشكر رؤية المنعم لا رؤية النعمة.و قال الخواص رحمه اللّه شكر العامة على المطعم و الملبس و المشرب،و شكر الخاصة على واردات القلوب و هذه رتبة لا يدركها كل من انحصرت عنده اللذات في البطن،و الفرج،و مدركات الحواس من الألوان و الأصوات،و خلا عن لذة القلب.فإن القلب لا يلتذ في حال الصحة إلا بذكر اللّه تعالى.و معرفته،و لقائه.و إنما يلتذ بغيره إذا مرض بسوء العادات ،كما يلتذ بعض الناس بأكل الطين،و كما يستبشع بعض المرضى الأشياء الحلوة،و يستحلى الأشياء المرة،كما قيل
و من يك ذا فم مرّ مريض يجد مرا به الماء الزلالا
فإذا هذا شرط الفرح بنعمة اللّه تعالى.فإن لم تكن إبل فمعزى.فإن لم يكن هذا فالدرجة الثانية.أما الأولى فخارجة عن كل حساب.فكم من فرق بين من يريد الملك للفرس،و من يريد الفرس للملك.و كم من فرق بين من يريد اللّه لينعم عليه،و بين من يريد نعم اللّه ليصل بها إليه

الأصل الثالث:العمل بموجب الفرح

الحاصل من معرفة المنعم.و هذا العمل يتعلق بالقلب،و باللسان.و بالجوارح.أما بالقلب،فقصد الخير و إضماره لكافة الخلق.و أما باللسان فإظهار الشكر للّٰه تعالى بالتحميدات الدالة عليه.و أما بالجوارح،فاستعمال نعم اللّه تعالى في

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست