responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 70

ما صار به مضطرا إلى الإيصال إليك.فإن عرفت الأمور كذلك،فقد عرفت اللّه تعالى و عرفت فعله،و كنت موحدا،و قدرت على شكره.بل كنت بهذه المعرفة بمجردها شاكرا.و لذلك قال موسى عليه السّلام في مناجاته:إلهى خلقت آدم بيدك،و فعلت و فعلت،فكيف شكرك؟فقال اللّه عز و جل.اعلم أن كل ذلك منى،فكانت معرفته شكرا.فإذا لا تشكر إلا بأن تعرف أن الكل منه.فإن خالجك ريب في هذا لم تكن عارفا لا بالنعمة و لا بالمنعم،فلا تفرح بالمنعم وحده،بل و بغيره.فبنقصان معرفتك ينقص حالك في الفرح،و بنقصان فرحك ينقص عملك.فهذا بيان هذا الأصل

الأصل الثاني:الحال.

المستمدة من أصل المعرفة،و هو الفرح بالمنعم مع هيئة الخضوع و التواضع.و هو أيضا في نفسه شكر على تجرده،كما أن المعرفة شكر.و لكن إنما يكون شكرا إذا كان حاويا شرطه،و شرطه أن يكون فرحك بالمنعم لا بالنعمة و لا بالإنعام.و لعل هذا مما يتعذر عليك فهمه،فنضرب لك مثلا فنقول.الملك الذي يريد الخروج إلى سفر،فأنعم بفرس على إنسان،يتصور أن يفرح المنعم عليه بالفرس من ثلاثة أوجه .

أحدها:أن يفرح بالفرس من حيث إنه فرس،و أنه مال ينتفع به،و مركوب يوافق غرضه،و أنه جواد نفيس.و هذا فرح من لا حظ له في الملك،بل غرضه الفرس فقط.

و لو وجده في صحراء فأخذه لكان فرحه مثل ذلك الفرح الوجه الثاني:أن يفرح به لا من حيث إنه فرس،بل من حيث يستدل به على عناية الملك به،و شفقته عليه،و اهتمامه بجانبه.حتى لو وجد هذا الفرس في صحراء،أو أعطاه غير الملك،لكان لا يفرح به أصلا،لاستغنائه عن الفرس أصلا،أو استحقاره له بالإضافة إلى مطلوبه من نيل المحل في قلب الملك .الوجه الثالث:أن يفرح به ليركبه،ليخرج في خدمة الملك،و يتحمل مشقة السفر لينال بخدمته رتبة القرب منه.و ربما يرتقى إلى درجة الوزارة،من حيث إنه ليس يقنع بأن يكون محله في قلب الملك أن يعطيه فرسا،و يعتنى به هذا القدر من العناية.بل هو طالب لأن لا ينعم الملك بشيء من ماله على أحد إلا بواسطته ثم أنه ليس يريد من الوزارة الوزارة أيضا،بل يريد مشاهدة الملك و القرب منه،حتى لو خير بين القرب منه دون الوزارة.و بين الوزارة دون القرب،لاختار القرب

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 70
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست