responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 5

فكل ذلك أدلة قاطعة على أن هذا القدر لا ينقض النوبة،و لا يلحق صاحبها بدرجة المصرين .و من يؤيس مثل هذا عن درجة التائبين،كالطبيب الذي يؤيس الصحيح عن دوام الصحة،بما يتناوله من الفواكه و الأطعمة الحارة مرة بعد أخرى،من غير مداومة و استمرار.و كالفقيه الذي يؤيس المتفقه عن نيل درجة الفقهاء،بفتوره عن التكرار و التعليق في أوقات نادرة غير متطاولة و لا كثيرة و ذلك يدل على نقصان الطبيب و الفقيه بل الفقيه في الدين هو الذي لا يؤيس الخلق عن درجات السعادات،بما يتفق لهم من الفترات و مقارفة السيئات المختطفات.قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم[1]«كلّ بني آدم خطاء و خير الخطّائين التّوّابون المستغفرون »و قال أيضا[2]«المؤمن واه راقع [1]فخيرهم من مات على رقعه»أي واه بالذنوب،راقع بالتوبة و الندم.و قال تعالى أُولٰئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمٰا صَبَرُوا وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ [2]فما وصفهم بعدم السيئة أصلا

الطبقة الثالثة:أن يتوب و يستمر على الاستقامة مدة

،ثم تغلبه الشهوة في بعض الذنوب فيقدم عليها عن صدق و قصد شهوة،لعجزه عن قهر الشهوة.إلا أنه مع ذلك مواظب على الطاعات،و تارك جملة من الذنوب مع القدرة و الشهوة.و إنما قهرته هذه الشهوة الواحدة أو الشهوتان،و هو يود لو أقدره اللّه تعالى على قمعها،و كفاه شرها.هذا أمنيته في حال قضاء الشهوة.و عند الفراغ يتندم و يقول.ليتني لم أفعله،و سأتوب عنه،و أجاهد نفسي في قهرها.لكنه تسول نفسه،و يسوف توبته مرة بعد أخرى،و يوما بعد يوم.فهذه النفس هي التي تسمى النفس المسولة.و صاحبها من الذين قال اللّه تعالى فيهم وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صٰالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً [3]فأمره من حيث مواظبته على الطاعات و كراهته لما تعاطاه مرجو :فعسى اللّه أن يتوب عليه.و عاقبته مخطرة من حيث


[1] راقع:أي يهي دينه بمعصيته و يرقعه بتوبته من رقعت الثوب إذا رممته

[2] القصص:54

[3] التوبة:102

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 5
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست