responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 47

بيان
مظان الحاجة إلى الصبر و أن العبد لا يستغنى عنه في حال من الأحوال

اعلم أن جميع ما يلقى العبد في هذه الحياة لا يخلو من نوعين:

أحدهما:هو الذي يوافق هواه، و الآخر:هو الذي لا يوافقه بل يكرهه.و هو محتاج إلى الصبر في كل واحد منهما.و هو في جميع الأحوال لا يخلو عن أحد هذين النوعين،أو عن كليهما.فهو إذا لا يستغنى قط عن الصبر

النوع الأول:ما يوافق الهوى

،و هو الصحة،و السلامة،و المال،و الجاه و كثرة العشيرة و اتساع الأسباب و كثرة الأتباع و الأنصار .و جميع ملاذ الدنيا،و ما أحوج العبد إلى الصبر على هذه الأمور.فإنه إن لم يضبط نفسه عن الاسترسال و الركون إليها،و الانهماك في ملاذها المباحة منها،أخرجه ذلك إلى البطر و الطغيان.فإن الإنسان ليطغى،أن رآه استغنى.حتى قال بعض العارفين:البلاء يصبر عليه المؤمن،و العوافي لا يصبر عليها إلا صديق.

و قال سهل:الصبر على العافية أشد من الصبر على البلاء .و لما فتحت أبواب الدنيا على الصحابة رضي اللّه عنهم قالوا.ابتلينا بفتنة الضراء فصبرنا،و ابتلينا بفتنة السراء فلم نصبر.و لذلك حذر اللّه عباده من فتنة المال،و الزوج،و الولد،فقال تعالى يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تُلْهِكُمْ أَمْوٰالُكُمْ وَ لاٰ أَوْلاٰدُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ [1]و قال عز و جل إِنَّ مِنْ أَزْوٰاجِكُمْ وَ أَوْلاٰدِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [2]و قال صلّى اللّه عليه و سلم [1]«الولد مبخلة مجبنة محزنة»[2]و لما نظر عليه السلام إلى ولده الحسن رضي اللّه عنه يتعثر في قميصه،نزل عن المنبر و احتضنه ثم قال«صدق اللّه» إِنَّمٰا أَمْوٰالُكُمْ وَ أَوْلاٰدُكُمْ فِتْنَةٌ [3]«إنّى لمّا رأيت ابني يتعثّر لم أملك نفسي أن أخذته»ففي ذلك عبرة لأولى الأبصار فالرجل كل الرجل من يصبر على العافية،و معنى الصبر عليها أن لا يركن إليها،و يعلم أن كل ذلك مستودع عنده،و عسى أن يسترجع على القرب.و أن لا يرسل نفسه في الفرح بها و لا ينهمك في التنعم،و اللذة،و اللهو،و اللعب .و أن يرعى حقوق اللّه في ماله بالإنفاق


[1] المنافقين:9

[2] التغابن:14

[3] التغابن:15

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست