responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 17

و قد غلب هذا الداء على الأطباء،فلم يقدروا على تحذير الخلق منه،استنكافا من أن يقال لهم.فما بالكم تأمرون بالعلاج و تنسون أنفسكم،فبهذا السبب عم على الخلق الداء و عظم الوباء،و انقطع الدواء،و هلك الخلق لفقد الأطباء.بل اشتغل الأطباء بفنون الإغواء،فليتهم إذ لم ينصحوا لم يغشوا،و إذ لم يصلحوا لم يفسدوا.وليتهم سكتوا و ما نطقوا.فإنهم إذا تكلموا لم يهمهم في مواعظهم إلا ما يرغب العوام،و يستميل قلوبهم.

و لا يتوصلون إلى ذلك إلا بالإرجاء،و تغليب أسباب الرجاء،و ذكر دلائل الرحمة،لأن ذلك ألذ في الأسماع،و أخف على الطباع.فتنصرف الخلق عن مجالس الوعظ و قد استفادوا مزيد جراءة على المعاصي،و مزيد ثقة بفضل اللّه.و مهما كان الطبيب جاهلا أو خائنا،أهلك بالدواء حيث يضعه في غير موضعه،فالرجاء و الخوف دواءان،و لكن لشخصين متضادى العلة أما الذي غلب عليه الخوف حتى هجر الدنيا بالكلية،و كلف نفسه ما لا تطيق، و ضيق العيش على نفسه بالكلية،فتكسر سورة إسرافه في الخوف بذكر أسباب الرجاء،ليعود إلى الاعتدال .

و كذلك المصر على الذنوب،المشتهى للتوبة،الممتنع عنها بحكم القنوط و اليأس استعظاما لذنوبه التي سبقت،يعالج أيضا بأسباب الرجاء،حتى يطمع في قبول التوبة فيتوب فأما معالجة المغرور المسترسل في المعاصي بذكر أسباب الرجاء،فيضاهى معالجة المحرور بالعسل طلبا للشفاء.و ذلك من دأب الجهال و الأغبياء.فإذا فساد الأطباء هي المعضلة الزباء التي لا تقبل الدواء أصلا.فإن قلت:فاذكر الطريق الذي ينبغي أن يسلكه الواعظ في طريق الوعظ مع الخلق.فاعلم أن ذلك يطول و لا يمكن استقصاؤه.

نعم نشير إلى
الأنواع النافعة في حل عقدة الإصرار،و حمل الناس على ترك الذنوب.و هي أربعة أنواع

الأول:أن يذكر ما في القرءان من الآيات المخوفة للمذنبين و العاصين

،و كذلك ما ورد من الأخبار و الآثار.مثل قوله صلّى اللّه عليه و سلم[1]«ما من يوم طلع فجره و لا ليلة

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 17
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست