responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 16

بكيفية تكفير ما سبق منها .فهذه علوم يختص بها أطباء الدين.و هم العلماء الذين هم ورثة الأنبياء فالعاصى إن علم عصيانه فعليه طلب العلاج من الطبيب،و هو العالم.و إن كان لا يدرى أن ما يرتكبه ذنب،فعلى العالم أن يعرفه ذلك.و ذلك بأن يتكفل كل عالم بإقليم أو بلدة،أو محلة،أو مسجد،أو مشهد فيعلم أهله دينهم،و يميز ما يضرهم عما ينفعهم، و ما يشقيهم عما يسعدهم.و لا ينبغي أن يصبر إلى أن يسأل عنه.بل ينبغي أن يتصدى لدعوة الناس إلى نفسه.فإنهم ورثة الأنبياء،و الأنبياء ما تركوا الناس على جهلهم،بل كانوا ينادونهم في مجامعهم،و يدورون على أبواب دورهم في الابتداء،و يطلبون واحدا واحدا فيرشدونهم،فإن مرضى القلوب لا يعرفون مرضهم.كما أن الذي ظهر على وجهه برص و لا مرآة معه،لا يعرف برصه ما لم يعرّفه غيره.و هذا فرض عين على العلماء كافة و على السلاطين كافة أن يرتبوا في كل قرية و في كل محلة فقيها متدينا،يعلم الناس دينهم فإن الخلق لا يولدون إلا جهالا،فلا بد من تبليغ الدعوة إليهم في الأصل و الفرع.و الدنيا دار المرضى.إذ ليس في بطن الأرض إلا ميت،و لا على ظهرها إلا سقيم.و مرضى القلوب أكثر من مرضى الأبدان.و العلماء أطباء ،و السلاطين قوّام دار المرضى.فكل مريض لم يقبل العلاج بمداواة العالم،يسلم إلى السلطان ليكف شره،كما يسلم الطبيب المريض الذي لا يحتمى ،أو الذي غلب عليه الجنون،إلى القيّم ليقيده بالسلاسل و الأغلال،و يكف شره عن نفسه و عن سائر الناس.

و إنما صار مرض القلوب أكثر من مرض الأبدان لثلاث علل:

إحداهما:أن المريض به لا يدرى أنه مريض و الثانية:أن عاقبته غير مشاهدة في هذا العالم.بخلاف مرض البدن،فإن عاقبته موت مشاهد،تنفر الطباع منه.و ما بعد الموت غير مشاهد.و عاقبة الذنوب موت القلب، و هو غير مشاهد في هذا العالم،فقلت النفرة عن الذنوب و إن علمها مرتكبها،فلذلك تراه يتكل على فضل اللّه في مرض القلب،و يجتهد في علاج مرض البدن من غير اتكال و الثالثة:و هو الداء العضال فقد الطبيب.فإن الأطباء هم العلماء،و قد مرضوا في هذه الأعصار مرضا شديدا عجزوا عن علاجه،و صارت لهم سلوة في عموم المرض حتى لا يظهر نقصانهم فاضطروا إلى إغواء الخلق ،و الإشارة عليهم بما يزيدهم مرضا.لأن الداء المهلك هو حب الدنيا

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست