responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 139

و كما عرفت أن في كل طرفة عين نعما كثيرة،فاعلم أن في كل نفس ينبسط و ينقبض نعمتين،إذ بانبساطه يخرج الدخان المحترق من القلب،و لو لم يخرج لهلك،و بانقباضه يجمع روح الهواء إلى القلب،و لو سد متنفسه لاحترق قلبه بانقطاع روح الهواء و برودته عنه و هلك،بل اليوم و الليلة أربع و عشرون ساعة،و في كل ساعة قريب من ألف نفس و كل نفس قريب من عشر لحظات،فعليك في كل لحظة آلاف آلاف نعمة في كل جزء من أجزاء بدنك،بل في كل جزء من أجزاء العالم فانظر هل يتصور إحصاء ذلك أم لا و لما انكشف لموسى عليه السّلام حقيقة قوله تعالى وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّٰهِ لاٰ تُحْصُوهٰا [1]قال.إلهى كيف أشكرك و لك في كل شعرة من جسدي نعمتان،أن لينت أصلها،و أن طمست رأسها و كذا ورد في الأثر أن من لم يعرف نعم اللّه إلا في مطعمه و مشربه،فقد قل علمه،و حضر عذابه ،و جميع ما ذكرناه يرجع إلى المطعم و المشرب،فاعتبر ما سواه من النعم به،فإن البصير لا تقع عينه في العالم على شيء و لا يلم خاطره بموجود إلا و يتحقق أن للّٰه فيه نعمة عليه فلنترك الاستقصاء و التفصيل،فإنه طمع في غير مطمع

بيان
السبب الصارف للخلق عن الشكر

اعلم أنه لم يقصر بالخلق عن شكر النعمة إلا الجهل و الغفلة.فإنهم منعوا بالجهل و الغفلة عن معرفة النعم.و لا يتصور شكر النعمة إلا بعد معرفتها.ثم إنهم إن عرفوا نعمة ظنوا أن الشكر عليها أن يقول بلسانه.الحمد للّٰه،الشكر للّٰه،و لم يعرفوا أن معنى الشكر أن يستعمل النعمة في إتمام الحكمة التي أريدت بها،و هي طاعة اللّه عز و جل.فلا يمنع من الشكر بعد حصول هاتين المعرفتين إلا غلبة الشهوة و استيلاء الشيطان .أما الغفلة عن النعم فلها أسباب.و أحد أسبابها أن الناس بجهلهم لا يعدون ما يعم الخلق و يسلم لهم في جميع أحوالهم نعمة.

فلذلك لا يشكرون على جملة ما ذكرناه من النعم،لأنها عامة للخلق،مبذولة لهم في جميع أحوالهم.

فلا يرى كل واحد لنفسه منهم اختصاصا به،فلا يعده نعمة،و لا تراهم يشكرون اللّه على روح


[1] النحل:18

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست