responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 113

الثانية:وراء هذه الهداية العامة

،و هي التي يمد اللّه تعالى بها العبد حالا بعد حال،و هي ثمرة المجاهدة،حيث قال تعالى وَ الَّذِينَ جٰاهَدُوا فِينٰا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنٰا [1]و هو المراد بقوله تعالى وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زٰادَهُمْ هُدىً [2].

و الهداية الثالثة وراء الثانية

،و هو النور الذي يشرق في عالم النبوة و الولاية بعد كمال المجاهدة،فيهتدى بها إلى ما لا يهتدى إليه بالعقل الذي يحصل به التكليف و إمكان تعلم العلوم .و هو الهدى المطلق،و ما عداه حجاب له و مقدمات.و هو الذي شرفه اللّه تعالى بتخصيص الإضافة إليه،و إن كان الكل من جهته تعالى،فقال تعالى قُلْ إِنَّ هُدَى اللّٰهِ هُوَ الْهُدىٰ [3]و هو المسمى حياة في قوله تعالى أَ وَ مَنْ كٰانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنٰاهُ وَ جَعَلْنٰا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النّٰاسِ [4]و المعنيّ بقوله تعالى أَ فَمَنْ شَرَحَ اللّٰهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلاٰمِ فَهُوَ عَلىٰ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ [5].و أما الرشد،فنعني به العناية الإلهية التي تعين الإنسان عند توجهه إلى مقاصده،فتقويه على ما فيه صلاحه، و تفتره عما فيه فساده.و يكون ذلك من الباطن،كما قال تعالى وَ لَقَدْ آتَيْنٰا إِبْرٰاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَ كُنّٰا بِهِ عٰالِمِينَ [6]فالرشد عبارة عن هداية باعثة إلى جهة السعادة،محركة إليها.فالصبي إذا بلغ خبيرا بحفظ المال و طرق التجارة و الاستنماء،و لكنه مع ذلك يبذر و لا يريد الاستنماء ،لا يسمى رشيدا،إلا لعدم هدايته،بل لقصور هدايته عن تحريك داعيته فكم من شخص يقدم على ما يعلم إنه يضره،فقد أعطى الهداية،و ميز بها عن الجاهل الذي لا يدرى أنه يضره،و لكن ما أعطى الرشد:فالرشد بهذا الاعتبار أكمل من مجرد الهداية إلى وجوه الأعمال،و هي نعمة عظيمة.

و أما التسديد،فهو توجيه حركاته إلى صوب المطلوب،و تيسرها عليه،ليشتد في صوب الصواب في أسرع وقت.فإن الهداية بمجردها لا تكفي.بل لا بد من هداية محركة للداعية و هي الرشد.و الرشد لا يكفي،بل لا بد من تيسر الحركات بمساعدة الأعضاء و الآلات حتى يتم المراد مما انبعثت الداعية إليه،فالهداية محض التعريف،و الرشد هو تنبيه الداعية لتستيقظ و تتحرك،و التسديد إعانة و نصرة بتحريك الأعضاء في صوب السداد .


[1] العنكبوت:69

[2] محمد:17

[3] البقرة:120

[4] الانعام:122

[5] الزمر:22

[6] الأنبياء:51

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 113
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست