responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 85

بيان
معنى الجاه و حقيقته

اعلم أن الجاه و المال هما ركنا الدنيا.و معنى المال ملك الأعيان المنتفع بها.و معنى الجاه ملك القلوب المطلوب تعظيمها و طاعتها.و كما أن الغنى هو الذي يملك الدراهم و الدنانير،أي يقدر عليهما،ليتوصل بهما إلى الأغراض،و المقاصد،و قضاء الشهوات،و سائر حظوظ النفس فكذلك ذو الجاه،هو الذي يملك قلوب الناس،أي يقدر على أن يتصرف فيها،ليستعمل بواسطتها أربابها في أغراضه و مآربه.و كما أنه يكتسب الأموال بأنواع من الحرف و الصناعات فكذلك يكتسب قلوب الخلق بأنواع من المعاملات.و لا تصير القلوب مسخرة إلا بالمعارف و الاعتقادات.فكل من اعتقد القلب فيه و صفا من أوصاف الكمال،انقاد له،و تسخر له بحسب قوة اعتقاد القلب،و بحسب درجة ذلك الكمال عنده.و ليس يشترط أن يكون الوصف كمالا في نفسه،بل يكفي أن يكون كمالا عنده و في اعتقاده.و قد يعتقد ما ليس كمالا كمالا،و يذعن قلبه للموصوف به،انقيادا ضروريا بحسب اعتقاده.فإن انقياد القلب حال للقلب،و أحوال القلوب تابعة لاعتقادات القلوب و علومها و تخيلاتها.و كما أن محب المال يطلب ملك الأرقاء و العبيد،فطالب الجاه يطلب أن يسترق الأحرار و يستعبدهم،و يملك رقابهم بملك قلوبهم.بل الرق الذي يطلبه صاحب الجاه أعظم،لأن المالك يملك العبد قهرا و العبد متأب بطبعه،و لو خلى و رأيه انسل عن الطاعة.و صاحب الجاه يطلب الطاعة طوعا و يبغى أن تكون له الأحرار عبيدا بالطبع و الطوع،مع الفرح بالعبودية،و الطاعة له فما يطلبه فوق ما يطلبه مالك الرق بكثير.فإذا معنى الجاه قيام المنزلة في قلوب الناس،أي اعتقاد القلوب لنعت من نعوت الكمال فيه،فبقدر ما يعتقدون من كماله تذعن له قلوبهم.و بقدر إذعان القلوب تكون قدرته على القلوب.و بقدر قدرته على القلوب يكون فرحه و حبه للجاه فهذا هو معنى الجاه و حقيقته،و له ثمرات،كالمدح و الإطراء .فإن المعتقد للكمال لا يسكت عن ذكر ما يعتقده،فيثنى عليه .و كالخدمة و الإعانة،فإنه لا يبخل ببذل نفسه في طاعته بقدر اعتقاده،فيكون سخرة له مثل العبد في أغراضه و كالإيثار،و ترك المنازعة،و التعظيم

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 85
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست