responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 60

بيان
ذم الغنى و مدح الفقر

اعلم أن الناس قد اختلفوا في تفضيل الغنى الشاكر،على الفقير الصابر.و قد أوردنا ذلك في كتاب الفقر و الزهد،و كشفنا عن تحقيق الحق فيه.و لكنا في هذا الكتاب، ندل على أن الفقر أفضل و أعلى من الغنى على الجملة،من غير التفات إلى تفصيل الأحوال.

و نقتصر فيه على حكاية فصل ذكره الحارث المحاسبي رضي اللّه عنه.في بعض كتبه،في الرد على بعض العلماء من الأغنياء،حيث احتج بأغنياء الصحابة،و بكثرة مال عبد الرحمن بن عوف و شبه نفسه بهم .و المحاسبي رحمه اللّه حبر الأمة في علم المعاملة،و له السبق على جميع الباحثين عن عيوب النفس،و آفات الأعمال،و أغوار العبادات،و كلامه جدير بأن يحكى على وجهه و قد قال بعد كلام له في الرد على علماء السوء،بلغنا أن عيسى بن مريم عليه السّلام.قال يا علماء السوء،تصومون،و تصلون،و تصدقون،و لا تفعلون ما تؤمرون،و تدرسون ما لا تعلمون.فيا سوء ما تحكمون.تتوبون بالقول و الأمانى،و تعملون بالهوى،و ما يغنى عنكم أن تنقوا جلودكم،و قلوبكم دنسة.بحق أقول لكم،لا تكونوا كالمنخل،يخرج منه الدقيق الطيب،و تبقى فيه النخالة.كذلك أنتم تخرجون الحكم من أفواهكم،و يبقى الغل في صدوركم.يا عبيد الدنيا،كيف يدرك الآخرة من لا تنقضي من الدنيا شهوته،و لا تنقطع منها رغبته!بحق أقول لكم،إن قلوبكم تبكي من أعمالكم.جعلتم الدنيا تحت ألسنتكم، و العمل تحت أقدامكم.بحق أقول لكم،أفسدتم آخرتكم،فصلاح الدنيا أحب إليكم من صلاح الآخرة.فأي الناس أخسر منكم؟لو تعلمون.ويلكم،حتام تصفون الطريق للمدلجين و تقيمون في محل المتحيرين،كأنكم تدعون أهل الدنيا ليتركوها لكم.مهلا مهلا.ويلكم ما ذا يغنى عن البيت المظلم أن يوضع السراج فوق ظهره،و جوفه و حش مظلم؟كذلك لا يغنى عنكم أن يكون نور العلم بأفواهكم،و أجوافكم منه وحشة متعطلة.يا عبيد الدنيا لا كعبيد أتقياء،و لا كأحرار كرام،توشك الدنيا أن تقلعكم عن أصولكم،فتلقيكم على وجوهكم،ثم تكبكم على مناخركم،ثم تأخذ خطايا كم بنواصيكم،ثم تدفعكم من خلفكم

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 60
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست