responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 146

تأخره.فلما مر الثاني عليه نهاه و استوقفه فوقف،فدفع في نحر الضال،و لم يشتغل بالقتال و استعجل،ففرح منه الضال بقدر توقفه للدفع فيه.و مر به الثالث،فلم يلتفت إليه،و لم يشتغل بدفعه و لا بقتاله.بل استمر على ما كان،فخاب منه رجاؤه بالكلية.فمر الرابع، فلم يتوقف له.و أراد أن يغيظه فزاد في عجلته،و ترك التأنى في المشي.فيوشك إن عادوا و مروا عليه مرة أخرى أن يعاود الجميع إلا هذا الأخير،فإنه لا يعاوده خيفة من أن يزداد فائدة باستعجاله

فإن قلت:فإذا كان الشيطان لا تؤمن نزغاته.فهل يجب الترصد له قبل حضوره

للحذر منه انتظارا لوروده،أم يجب التوكل على اللّه ليكون هو الدافع له أو يجب الاشتغال بالعبادة و الغفلة عنه؟ قلنا:اختلف الناس فيه على ثلاثة أوجه:فذهبت فرقة من أهل البصرة إلى أن الأقوياء قد استغنوا عن الحذر من الشيطان،لأنهم انقطعوا إلى اللّه،و اشتغلوا بحبه ،فاعتزلهم الشيطان و أيس منهم،و خنس عنهم،كما أيس من ضعفاء العباد في الدعوة إلى الخمر و الزنا،فصارت ملاذ الدنيا عندهم،و إن كانت مباحة،كالخمر و الخنزير،فارتحلوا من حبها بالكلية،فلم يبق للشيطان إليهم سبيل،فلا حاجة بهم إلى الحذر.و ذهبت فرقة من أهل الشام إلى أن الترصد للحذر منه إنما يحتاج إليه من قل يقينه،و نقص توكله.فمن أيقن بأن لا شريك للّٰه في تدبيره فلا يحذر غيره.و يعلم أن الشيطان ذليل مخلوق ليس له أمر،و لا يكون إلا ما أراده اللّه،فهو الضار و النافع،و العارف يستحيي منه أن يحذر غيره.فاليقين بالوحدانية يغنيه عن الحذر و قالت فرقة من أهل العلم لا بد من الحذر من الشيطان.و ما ذكره البصريون من أن الأقوياء قد استغنوا عن الحذر،و خلت قلوبهم عن حب الدنيا بالكلية،فهو وسيلة الشيطان يكاد يكون غرورا.إذ الأنبياء عليهم السلام لم يتخلصوا من وسواس الشيطان و نزغاته فكيف يتخلص غيرهم!و ليس كل وسواس الشيطان من الشهوات و حب الدنيا .بل في صفات اللّه تعالى و أسمائه،و في تحسين البدع و الضلال و غير ذلك.و لا ينجو أحد من الخطر فيه.و لذلك قال تعالى وَ مٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لاٰ نَبِيٍّ إِلاّٰ إِذٰا تَمَنّٰى أَلْقَى الشَّيْطٰانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللّٰهُ مٰا يُلْقِي الشَّيْطٰانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللّٰهُ آيٰاتِهِ [1]و قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم


[1] الحج:52

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست