التنافي تارة-ينسب إلى المدلولين من الوجوب و الحرمة،أو الوجوب و عدمه مثلاً،و أخرى-ينسب إلى الدالين،بما هما كاشفان عن أمرين متنافيين،لتَلوُّن الدال بلَوْن المدلول لفنائه فيه،و ثالثة-إلى الدليلين بما هما دليلان و حجتان، فيكونان متنافيين في الحجية و الدليليّة.
و من الواضح:أنّ التنافي-و هو عدم الاجتماع في الوجود-منسوب إلى المدلولين بالذات،لامتناع اجتماع الوجوب و الحرمة،أو كل واحد منهما مع عدمه-بالذات-و منسوب إلى الدليليّة و الحجية أيضا-بالذات-لامتناع حجيتهما معاً،خصوصاً إذا كانت الحجية بمعنى جعل الحكم المماثل،فانه راجع إلى اجتماع الوجوب و الحرمة الفعليين،أو هما مع عدمهما.
و أما الدالان-بما هما كاشفان-فغير متمانعين في الوجود بالذات،بل بالعرضي،إذ ليس الكلام في المقام في الكاشفين بالكشف التصديقي-القطعي، أو الظني-الفعلي حتّى يستحيل اجتماعهما بالذات،بل في الكاشفين بالكشف النوعيّ،و من البيّن مكان اجتماعهما في الوجود:فان المفهومين غير متمانعين، بل التمانع في مطابقهما.
و الكاشف في مرتبة كشفه النوعيّ لا يتقوم إلاّ بمكشوفين بالذات،لا تمانع بينهما من حيث نفسهما،لكنه يوصف الدالان بوصف المدلول-بالحمل الشائع- بالعرض،لما بينهما من الاتحاد جعلاً و اعتباراً،فتنافي المدلولين واسطة في عروض التنافي على الدالين،لا واسطة في الثبوت.