فلو صدر منه ضرب اليتيم بالاختيار،و ترتب عليه الأدب-من دون أن يصدر منه بعنوان التأديب-لم يصدر منه التأديب الممدوح.
و من الواضح أنّ صدوره بعنوانه بالاختيار ليس إلاّ بكون الفعل-بما له من العنوان الممدوح الملتفت إليه الّذي لا وعاء له إلاّ وجدان فاعله-صادراً منه بالإرادة المتعلقة به بعنوانه.
و منه علم أنّ عنوان المضر-مثلاً-ليس بوجوده الواقعي محكوماً بالقبح، حتى يشك في صدقه على موضوع مفروض صدقه عليه سابقاً،بل بوجوده في وجدان العقل،و هو مقطوع الارتفاع مع عدم إحراز صدقه.
إذا عرفت ذلك فاعلم:إن تلك العناوين التي لا حسن لها و لا قبح لها،إلاّ إذا صدرت بعنوانها بالاختيار:تارة-تكون عنواناً لفعل الشخص.و أخرى-تكون عنواناً لفعل الغير.
فان كانت من عناوين فعل المكلف،فكما لا معنى للشك في نفس الحكم، كذلك لا شك في موضوعه الكلي،و كذا في انطباقه على الموضوع الخارجي.
و إن كانت من عناوين فعل الغير أمكن الشك في تطبيق الموضوع الكلي،دون نفسه،لأن صدوره بعنوان بالاختيار متقوم بإحرازه في وجدان فاعله،دون غيره،فاحتمال بقاء الموضوع تطبيقاً-لاحتمال صدوره بعنوان بالاختيار منه- معقول،و لا مجال لاستصحاب حكمه.
نعم استصحاب موضوع للتعبد بأثره الشرعي-لا للتعبد بحكمه العقلي،فانه غير قابل للتعبد،و لا للتعبد بملازمه شرعاً،إذ ليس التلازم شرعياً-معقول إذا ترتّب على التعبد بأثره بالإضافة إلى المستصحب أثر شرعي.
و مما ذكرنا تبين أنّ القول«بعدم جريان الاستصحاب للشك في بقاء موضوعه».و لا يصح إلاّ في هذا القسم و أما القسم الأول فالحكم و الموضوع مقطوع الارتفاع فيه،لا لأن الحاكم هو العقل،و لا يعقل الشك في حكمه،إذ فيه:
أولا:ما عرفت من عدم الحكم للعقل إلاّ التعقل و الإدراك،فلا محالة يكون