قوله:إنّما هو في الحركة القطعية،و هي كون الشيء...إلخ.
لا يخفى عليك أنّ نسبة الحركة القطعية إلى الأكوان المتعاقبة الموافية للحدود -الواقعة بين المبدأ و المنتهى-نسبة الكل إلى أجزائه،لأنها الصورة الممتدة المرتسمة في الخيال،و منشأ انتزاعها تلك الأكوان المتصلة بالاتصال التعاقبي، فأجزاؤها مجتمعة في الخيال و متفرقة في الخارج.
و نسبة الحركة التوسطية إلى تلك الأكوان نسبة الكلي إلى جزئياته،لأن كل كون-من تلك الأكوان الموافية للحدود-واقع بين المبدأ و المنتهى.
و حيث أنّ نفس الحركة القطعية باعتبار منشئيتها متقومة بتلك الأكوان المتصرمة شيئاً فشيئاً،فهي بذاتها تدريجية،و التغير ذاتي لها،فيجري فيها إشكال البقاء.
و حيث أنه لم يعتبر في الحركة التوسطية إلاّ الكون بين المبدأ و المنتهى دون موافاته للحدود،فلا تغير في نفس ذاتها،بل الموافاة للحدود تعينات فردية لأفرادها و مطابقاتها.
و حيث أنّ الكون بين المبدأ و المنتهى لا تعين ماهوي له،إلاّ الوقوع بين المبدأ و المنتهى،فما دام لم يخرج عن الوسط يكون الكون بين المبدأ و المنتهى،باقياً، فالحركة القطعية غير قارة،و متغيرة بذاتها،و الحركة التوسطية قارة مستمرة غير متغيرة.
ثم إن التعريف المذكور في المتن للحركة القطعية-و هو كون الشيء في كل آن في حد و مكان-هو تعريف المطلق الحركة عند المشهور-ففي القطعية بلحاظ أجزائها،و في التوسطية بلحاظ افرادها-فتلك أجزاؤها تعاقبية تدريجية،و هذه افرادها و جزئياتها تعاقبية تدريجية،و هذه الأفراد-المتعاقبة على نهج الاتصال- هي الراسمة لصورة ممتدة مجتمعة الأجزاء في الخيال،و تسمى بالحركة القطعية.
و لذا قيل بأن الحركة القطعية لا وجود لها في الخارج إلاّ بوجود منشأ انتزاعها،