و لا فرق بين ما إذا كان المعلول من الأمور التكوينية المحضة أو من الأمور التشريعيّة.
فكما أنّ بلوغ العلة-إلى حيث يكون المعلول ضروري الوجود بها-يصح معه انتزاع العلية من ذات العلة،و المعلولية من ذات المعلول.
فكذا إذا كان ذات العلة بحيث إذا بلغت بحد يكون ذلك الأمر المجعول ضروري الوجود بها،فانه يصح انتزاع العلية و المعلولية من ذات المرتب عليه، و من ذات المرتب.
غاية الأمر أنّ العليّة و المعلوليّة-في مرحلة الجعل التشريعي-اقتضائيتان، و في مرحلة تحقق السبب و المسبب-خارجاً-فعليتان.
و قد عرفت أنّ التقدم و التأخر بملاك العلية و المعلولية بين ذاتي العلة و المعلول لا تنافي المعية بملاك التضايف بين عنواني العلية و المعلولية و سيتّضح إن شاء اللّه تعالى ما ذكرنا زيادة على ذلك.
و أما الثاني:و هو العمدة،إذ لو ثبت ذلك لم يكن مجال للجعل،لا استقلالاً، و لا انتزاعاً،لعموم الملاك المقتضي لنفي المجعولية.
فتوضيح دفعه يتوقف على مقدمة:
هي أنّ السبب الفاعلي للحكم التكليفي،و للاعتبار الوضعي هو شخص الحاكم و المعتبر،و ما يسمى سبباً-كدلوك الشمس و نحوه-شرط حقيقة أو معدّ دقّة فلا معنى لجعل السببية الحقيقية في نفسها،فاللازم إخراجها عن محل البحث.
و أما الشرطية فحيث أنها انتزاعية إذ الوجود في الخارج ذات الشرط و ذات المشروط-كما في سائر موارد العلة و المعلول-فهي في حد ذاتها غير قابلة للجعل الاستقلالي سواء كان الجعل تكوينياً أو تشريعياً،فيتمحض الكلام في جعلها على حسب وجودها الانتزاعي.
فنقول:الشرط إما مصحح لفاعليّة الفاعل أو متمّم لقابليّة القابل.