بلحاظ تأدية الأسباب المنتهية إلى مسبّب الأسباب له نحو من الانتساب إليه تعالى كما في البداء و التردّد المنسوبين إليه تعالى في الآيات و الرّوايات.فافهم ذلك إنّ كنت أهلاً لذلك،ثم إنّ الظّاهر-و إن كان مخالفا للجمهور-عدم كون كلمة (لعلّ)للترجّي لوضوح استعمالها كثيراً فيما لا يلائم التّرجي كقوله تعالى (فلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إليكَ [1])(فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ [2]) كقوله عليه السلام [3]«لَعَلَّكَ وَجَدتني في مقام الكذّابين و في مجالس البطّالين»،أو لعلّ زيداً يموت بهذا المرض و غيرها من الموارد الكثيرة الّتي لا شكّ في عدم التّجوز فيها و عدم ملائمة إظهار الرّجاء في مثل هذه الأمور المنافرة للنّفس في غاية الظهور.
و ربما يتفصّى من ذلك بدعوى أنّ الرّجاء ليس بمعنى يساوق الأمل و توقّع المحبوب فقط بل يكون للإشفاق و توقّع المخوف أيضا كما نقل عن بعض أئمّة اللّغة،و عليه حمل قوله تعالى(لا يَرْجونَ لِقاءنا [4])أَيْ لا يخافون و قوله تعالى(لا يَرْجُونَ أَيّٰامَ اللّٰهِ [5])أَيْ لا يخافُون.
و العجب أنّ الفرّاء [6]مع مكانته في اللّغة و الأدب ينكر هذه الكلّيّة و يقول لا يقال رجوتك أي خفتك،و انّما يكون بمعنى الخوف في مورد النّفي كما فيما سمعت من الآيات مع أنّه لا معنى لتغيّر مادّة اللّفظ معنى بتفاوت الإثبات و النّفي،و أظنّ أنّ ذلك من عدم التّمكّن من تطبيق موارد الاستعمالات على معنى جامع،ربما يجامع توقّع المحبوب و ربما يجامع توقّع المخوف و المكروه من دون دخل للمحبوبيّة و المخوفيّة و العليّة الّتي قال بها بعضهم في المعنى الموضوع له،و الظّاهر أنّ هذه الكلمة إنّما يقال فيما كان الشّيء في معرض احتمال الوقوع-سواء كان مرجوّا أم لا-كما لا [7]يخفى على المنصف.