عليه طريق منصوب من قبل المولى بحيث جعله الشّارع محقّقاً لدعوة تكليفه الواقعي كمخالفة التّكليف الواصل بالحقيقة خروج عن زيّ الرّقيّة و رسم العبوديّة فيكون ظلماً على المولى و موجباً لاستحقاق الذّمّ و العقاب.
نعم:يمكن تصوّر الأمر الطّريقي كما تقدّم بوجه آخر و هو الإنشاء بداعي جعل الدّاعي لكنّه بداعي إيصال الواقع بعنوان آخر،فلا مصلحة إلاّ مصلحة الواقع و لا إرادة تشريعيّة إلاّ الإرادة الواقعيّة و لا بعث حقيقي في قبال البعث الواقعي و يترتّب عليه تنجّز الواقع بهذا العنوان الواصل،لكن خروجه عن المماثلة المستحيلة مع الإنشاء الواقعي مبنى على دخل الوصول في فعليّة الباعثيّة كما قدّمناه [1]في أوّل البحث،فمجرّد عدم تعدّد المصلحة و عدم تعدّد الإرادة لا يجدى،بل لا بدّ من فرض عدم تعدّد البعث بالحمل الشائع أيضا،و حيث إنّ المصنّف العلامة-قدّه-بصدد إثبات أمر غير مماثل للبعث فلا محالة لا ينطبق على ما أفاده هذا التّقريب بل التّقريب المتقدّم.
60-قوله:و ان لم يحدث بسببها إرادة أو كراهة في المبدأ إلخ:
ظاهر العبارة و إن كان عدم ثبوت الإرادة و الكراهة مطلقاً حتّى في الحكم الحقيقي في المبدأ الأعلى إلاّ أنّ غرضه-قدّه-كما يكشف عنه آخر كلامه [2]و ما تقدّم منه في مبحث الطّلب و الإرادة [3]و صرّح به في مباحث أخر أنّ حقيقة الإرادة و الكراهة ليست إلاّ العلم بالمصلحة و المفسدة،فإن كانتا بلحاظ نظام الكلّ كانت الإرادة و الكراهة تكوينيّتين،و ان كانتا بلحاظ خصوص افعال المكلّفين كانت الإرادة و الكراهة تشريعيّتين،فليس للإرادة و الكراهة مطلقا مصداق فيه «تعالى»إلاّ العلم بالمصلحة و المفسدة،و قد نبهنا على ما فيه في مبحث الطّلب و الإرادة [4]مفصّلاً،و مجمله أنّ المفاهيم متخالفة لا مترادفة و الرّجوع الواجب في صفات الواجب هو الرّجوع من حيث المصداق،و مرجع جميع الصفات ذاته .