responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 4  صفحه : 7

الخلق و تعرف إليهم فعرفوه فما عرفوه بنظرهم و إنما عرفوه بتعريفه إياهم فهذي إشارة لِمَنْ كٰانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ و المحبة علم ذوق و ما فينا إلا محب و من أحب عرف مقتضى الحب فمن هنا تعرف عموم الرحمة و الحديث الآخر غضب اللّٰه الكائن من إغضاب العبد ثم

قال عنه التراجمة ع في باب الشفاعة إذا سألوهم الخلق فيها يوم القيامة فيقولون إن اللّٰه قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله و لن يغصب بعده مثله فزال الغضب بالانتقام و

أخبر ص أن الصدقة تطفئ غضب الرب و هو الموفق عبده لما تصدق به فهو المطفئ غضبه بما وفق إليه عبده و هذا كثير لكن هذا القدر عند عباد اللّٰه منه فإنا لا نزيد عليه لأنا ما عرفناه إلا بتعريفه و هذا من جملة تعريفه لا من نظر المخلوق فلما اتخذ اللّٰه قلب عبده بيتا لأنه جعله محل العلم به العرفاني لا النظري حماه و غار عليه أن يكون محلا لغيره و العبد جامع فلا بد أن يظهر الحق تعالى لهذا العبد في صور شتى أي في صورة كل شيء لأنه محل للعلم بكل شيء و ليس محل العلم بالأشياء إلا القلب و الحق يغار على قلب عبده أن يكون فيه غير ربه فاطلعه أنه صورة كل شيء و عين كل شيء فوسع كل شيء قلب العبد لأن كل شيء حق فما وسعه إلا الحق فمن علم الحق من حقيته فقد علم كل شيء و ليس من علم شيئا علم الحق و على الحقيقة فما علم العبد ذلك الشيء الذي يزعم أنه علمه لأنه لو علمه علم أنه الحق فلما لم يعلم أنه الحق قلنا فيه إنه لم يعلمه و إنما قال قلب المؤمن لا غير المؤمن لكون المعرفة بالله لا تكون إلا بتعريفه لا بحكم النظر الفكري و لا يقبل تعريفه به تعالى إلا المؤمن فإن غير المؤمن لا يقبل ذلك جملة واحدة فإنه الناظر على أحد ثلاثة أمور إما أن يحيل ذلك الذي ورد به التعريف على الحق فينقسم هنا المحيلون على أقسام فمنهم من يطعن في الرسل و يجعلهم تحت سلطان الخيال و هذه الطائفة من الأخسرين الذين أضلهم اللّٰه و أعماهم عن طريق الهدى بل في طريق الهدى لو علموا فهؤلاء قد جمعوا بين الجهل و بين المروق من الدين فلا حظ لهم في السعادة و قسم آخر منهم قالوا إن الرسل هم أعلم الناس بالله فتنزلوا في الخطاب على قدر أفهام الناس لا على ما هو الأمر عليه فإنه محال فهؤلاء كذبوا اللّٰه و رسوله فيما نسب اللّٰه إلى نفسه و إلى رسله بحسن عبارة كما يقول الإنسان إذا أراد أن يتأدب مع شخص آخر إذا حدثه بحديث يرى السامع في نظره أنه ليس كما قال المخبر فلا يقول له كذبت و إنما يقول له يصدق سيدي و لكن ما هو الأمر على هذا و إنما الأمر الذي ذكره سيدي على صورة كذا و كذا فهو يكذبه و يجهله بحسن عبارة هكذا فعل هؤلاء المتأولين و قسم آخر لا يقول بأنه نزل في العبارة إلى أفهام الناس و إنما يقول ليس المراد بهذا الخطاب إلا كذا و كذا ما المراد منه ما تفهمه العامة و هذا موجود في اللسان الذي جاء به هذا الرسول فهؤلاء أشبه حالا ممن تقدم إلا أنهم متحكمون في ذلك على اللّٰه بقولهم هذا هو المفهوم من اللسان و كذلك الذي يعتقده عامة ذلك اللسان هو أيضا المفهوم من ذلك فما يمنع أن يكون المجموع فأخطئوا في الحكم على اللّٰه بما لم يحكم به على نفسه فهؤلاء ما عبدوا إلا الإله الذي ربطت عليه عقولهم و قيدته و حصرته و قسم آخر قال نؤمن بهذا اللفظ كما جاء من غير أن نعقل له معنى حتى نكون في هذا الايمان به في حكم من لم يسمع به و نبقى على ما أعطانا دليل العقل من إحالة مفهوم هذا الظاهر من هذا القول فهذا القسم متحكم أيضا بحسن عبارة و إنه رد على اللّٰه بحسن عبارة فإنهم جعلوا نفوسهم حكم نفوس لم تسمع ذلك الخطاب و قسم آخر قالوا نؤمن بهذا اللفظ على حد علم اللّٰه فيه و علم رسوله ص فهؤلاء قد قالوا إن اللّٰه خاطبنا عبثا لأنه خاطبنا بما لا نفهم و اللّٰه يقول وَ مٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ رَسُولٍ إِلاّٰ بِلِسٰانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ و قد جاء بهذا فقد أبان كما قال اللّٰه لكن أبي هؤلاء أن يكون ذلك بيانا و هؤلاء كلهم مسلمون و أما الأمر الثالث فهم الذين كشف اللّٰه عن أعين بصائرهم غطاء الجهل فأشهدهم آيات أنفسهم و آيات الآفاق ف‌ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ لا غيره فآمنوا به بل علموه بكل وجه و في كل صورة و إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ فلا يرى العارف شيئا إلا فيه فهو ظرف إحاطة لكل شيء و كيف لا يكون و قد نبه على ذلك باسمه الدهر فدخل فيه كل ما سوى اللّٰه فمن رأى شيئا فما رآه إلا فيه و لذلك قال الصديق ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّٰه قبله لأنه ما رآه حتى دخل فيه فبالضرورة يرى الحق قبل الشيء بعينه لأنه يرى صدور ذلك الشيء منه فالحق بيت الموجودات كلها لأنه الوجود و قلب العبد بيت الحق لأنه وسعه و لكن قلب المؤمن لا غير

فمن كان بيت الحق فالحق بيته فعين وجود الحق عين الكوائن

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 4  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست