responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 4  صفحه : 168



ناظرا في حكمها متئدا عندها في كل حال يقف
فانظروا فيها عليها و قفوا و بحق الحق لا تنحرفوا
تجدوا السر لديها علنا و لذا أهل التعدي عرفوا
و لهذا انتهكوا حرمتها و ادعوا أنهم قد كشفوا
ظلموا أنفسهم فانحجبوا عن مراد اللّٰه حين اعترفوا
و الترجي واقع حيث أتى من كلام اللّٰه عنه فقفوا
عند ما قلت به و اتصفوا بالترجي مثل ما يتصف
أنه عند الذي ظن به فلتظنوا الخير منه و لتفوا

[إن اللّٰه حدد الأحكام بالوجوب و الحظر و الكراهة و الندب و الإباحة]

حدود اللّٰه أحكامه في أفعال المكلفين فلا يتعدى منها حد إلا لحد آخر لغير حد إلهي لا يتعداه و نفس تعديه إليه عين تعديه فيه فيحكم في الأمور بغير حكم اللّٰه لا بد من ذلك فانظر ما أعجب هذا و أحكام اللّٰه التي هي حدوده وجوب و حظر و كراهة و ندب و إباحة فكل متصرف بحركة و سكون فلا بد أن يكون تصرفه في واجب أو محظور أو مندوب أو مكروه أو مباح لا يخلو من هذا فإن كان تصرفه في واجب عليه فعله بترك فقد تعدى حدود اللّٰه بتركه ما وجب عليه فعله فإن تركه على أنه ليس بواجب عليه فعله فقد تعدى في ذلك تعدى كفر و لا بد أن يحكم فيه بغير حكم اللّٰه و ينتقل فيه إلى حكم آخر من حكم اللّٰه لكن في غير هذا العين فأباح ترك ما أوجب اللّٰه عليه فعله و ترك ما حرم اللّٰه عليه تركه و إن قال بوجوب الترك فيما قال الشرع فيه بوجوب الفعل فهذا تعد عظيم فاحش و اتباع هوى مضل عن سبيل اللّٰه فالتعدي بالفعل و الترك معصية و التعدي بالاعتقاد كفر و من قلب أحكام اللّٰه فقد كفر و خسر و ثم تعد آخر لحدود اللّٰه و هو قلب الحقائق و يسمى المتعدي جاهلا و تعديه جهلا و هي الحدود الذاتية للأشياء و إنما أضيفت إلى اللّٰه لأن العلم بها إنما حصل لنا من جانب اللّٰه حيث أعطانا من القوة التي هي قوة العقل و النظر ما نصل بها إلى العلم بهذه الحدود و لأن الأمور التي نحدها ما هي بأمر زائد على ما ظهر في المظاهر المعقولة و المحسوسة و ما ظهر إلا الحق و ذلك الظاهر في العقل أو الحس هو الذي نحده و ليس إلا اللّٰه فهي حدود اللّٰه و قد تشترك المحدودات في أمور و تتميز بأمور فما تميزت به من الفصول فهو حدها المميز لها عن الذي شاركها و ما وقع به الاشتراك و التميز كله حد لها فمن تعدى هذه الحدود فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ بظلم يسمى جهلا و قلبا للحقائق و قلب الحقائق إما أن يقلبها عينها كلها و إما أن يقلبها من حيث فصولها المقومة لها و كيف ما كان فقد تعدى حدود اللّٰه و جهل فحد الخالق بما هو حد للمخلوق فقلب الأمر في عينه كله و قد حد الإنسان بالفصل المقوم للفرس فقد غلط و جهل بعضا و علم بعضا فأولئك هم الجاهلون حقا كما هو في تعدى الأحكام أو ما جاء به الشارع إذا آمن ببعض و كفر ببعض هو الكافر حقا و غلب الكفر على الايمان فإن ذهاب الفصل المقوم من المحدود عين ذهاب ما له من نصيب الاشتراك فإن حيوانية الإنسان ما هي عين حيوانية الفرس بالنظر إلى شخصية ذلك المحدود فلهذا يذهب الكل لذهاب البعض و قد قال اللّٰه تعالى لنبيه ص فَلاٰ تَكُونَنَّ مِنَ الْجٰاهِلِينَ و إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجٰاهِلِينَ و أما قوله في هذا الذكر لاٰ تَدْرِي لَعَلَّ اللّٰهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذٰلِكَ أَمْراً و ذلك لأنا ما عرفنا من القوي الموجودة في الإنسان إلا قدر ما أوجد فيه و ربما في علم اللّٰه عنده أو في الإمكان قوى لم يوجدها اللّٰه تعالى فينا اليوم حتى لو قيل للفرس عن القوة التي تميز بها الإنسان عنه أنكرها و في طريق اللّٰه ما يقوله أهل الطريق في إثبات المقام الذي فوق طور العقل و هي قوة يوجدها اللّٰه في بعض عباده من رسول و نبى و ولي تعطي خلاف ما أعطته قوة العقل حتى إن بعض العقلاء أنكر ذلك و الشرع أثبته و نحن نعلم أن في نشأة الآخرة قوى لا تكون في نشأة الدنيا و لا يحكم بها عقل هنا و لا تنال إلا بالذوق عند من أوجدها اللّٰه فيه و تحصل لبعض الناس هنا فَلاٰ تَعْلَمُ نَفْسٌ مٰا أُخْفِيَ لها فيها مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ

و في الجنة ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر فخرج عن طور العقل بتعيين أمر ما و ما خرج عن طور العقل بالإمكان إذ لا حكم للعقل فيما يعنيه اللّٰه من الأمور إلا الإمكان خاصة أو

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 4  صفحه : 168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست