responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 4  صفحه : 117

أقرب إلى ربه فكان أحدث عهد بعبوديته لربه وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبّٰاراً شَقِيًّا إذ لا يكون ذلك ممن يكون إلا بالجهل و الجهل فيه إنما هو من قوة سلطان ظلمة العنصر و قد بينا مرتبة عالم الطبيعة من عالم العناصر في هذا الكتاب في مواضع منه وَ السَّلاٰمُ عَلَيَّ لعلمه بمرتبته من ربه و حظه منه يَوْمَ وُلِدْتُ يعني له السلامة في ولادته من تأثير العبد المطرود الموكل بالأطفال عند الولادة حين يصرخ الولد إذا وقع من طعنته فلم يكن لعيسى ع صراخ بل وقع ساجد اللّٰه تعالى وَ يَوْمَ أَمُوتُ يكذب من يفتري عليه أنه قتل فلم يقل و يوم أقتل وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا يعني في القيامة الكبرى أكد موته فأتاه الحكم بما ذكره و هو صبي رضيع في المهد فكان أتم في الوصلة بربه من يحيى بن خالته فإن عيسى سلم على نفسه بسلام ربه و لهذا ادعى فيه أنه إله و يحيى سلم عليه ربه تعالى و لم ينص على أنه عرف بذلك السلام عليه أو لم يعرف

[أن للناس غريب أن تأخذ الحكمة من الصبي الصغير]

و اعلم أن الناس إنما يستغربون الحكمة من الصبي الصغير دون الكبير لأنهم ما عهدوا إلا الحكمة الظاهرة عن التفكر و الرؤية و ليس الصبي في العادة بمحل لذلك فيقولون إنه ينطق بها فتظهر عناية اللّٰه بهذا المحل الظاهر فزاد يحيى و عيسى بأنهما على علم مما نطقا به علم ذوق لأن مثل هذا في هذا الزمان و السن لا يصح أن يكون إلا ذوقا و أن اللّٰه آتاه الحكم صبيا :

و هو حكم النبوة التي لا تكون إلا ذوقا فمن كان هجيره هذا فوراثته و إن كان محمديا لهذين النبيين أو لأحدهما على حسب قوة نسبته منهما أو من أحدهما و قد نطق في المهد جماعة أعني في حال الرضاعة و قد رأينا أعظم من هذا رأينا من تكلم في بطن أمه و أدى واجبا و ذلك أن أمه عطست و هي حامل به فحمدت اللّٰه فقال لها من بطنها يرحمك اللّٰه بكلام سمعه الحاضرون و أما ما يناسب الكلام فإن ابنتي زينب سألتها كالملاعب لها و هي في سن الرضاعة و كان عمرها في ذلك الوقت سنة أو قريبا منها فقلت لها بحضور أمها وجدتها يا بنية ما تقولين في الرجل يجامع أهله و لا ينزل فقالت يجب عليه الغسل فتعجب الحاضرون من ذلك و فارقت هذه البنت في تلك السنة و تركتها عند أمها و غبت عنها و أذنت لأمها في الحج في تلك السنة و مشيت أنا على العراق إلى مكة فلما جئنا المعرف خرجت في جماعة معي أطلب أهلي في الركب الشامي فرأتني و هي ترضع ثدي أمها فقالت يا أمي هذا أبي قد جاء فنظرت الأم حتى رأتني مقبلا على بعد و هي تقول هذا أبي هذا أبي فناداني خالها فأقبلت فعند ما رأتني ضحكت و رمت بنفسها علي و صارت تقول لي يا أبت يا أبت فهذا و أمثاله من هذا الباب

«الباب الأحد و الثمانون و أربعمائة في حال قطب كان منزله إن اللّٰه لا يضيع أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً »



من يشهد اللّٰه في أعماله حسنت نشأتها فلها في الوزن رجحان
مع الشهود له أجر يخص به قضى بذلك في التعريف ميزان
أن الرسول له أجر تعينه له رسالته ما فيه نقصان
لو لا الوجود لما كان الشهود لنا و في الوجود لنا ربح و خسران
و ليس يدري الذي جئنا به أحد الا عليم بما في الأمر حيران

[إن العبد إذا عمل في عمله عبادة يرى ربه بما استحضره في تلك العبادة على قدر علمه]

قال رسول اللّٰه ص في الإحسان إنه العمل على رؤية الحق في العبادة و هو تنبيه عجيب من عالم شفيق على أمته لأنه علم أنه إذا قام العبد في عمله عبادة و جعل في نفسه أنه يرى ربه و يراه ربه بما استحضره في تلك العبادة على قدر علمه فإنه إذا كان هذا هجيره و ديدنه ذلك أبصر أن العامل هو اللّٰه لا هو و أن العبد محل ظهور ذلك العمل كما ورد أن اللّٰه قال على لسان عبده سمع اللّٰه لمن حمده فالإحسان في العبادة كالروح في الصورة يحييها و إذا أحياها لم تزل تستغفر لصاحبها و لها البقاء الدائم فلا يزال مغفورا له فإن اللّٰه صادق و قد أخبر أنه لا يضيع أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً بل لا يضيع عَمَلَ عٰامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثىٰ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ كان العمل ما كان فإن كان خيرا فلا يضيع أجره و إن لم يكن خيرا فإن اللّٰه لا يضيعه لأنه لا بد أن يبدل اللّٰه سيئات التائب حسنات : فإن لم يكن العمل غير مضيع و إلا ففي أي أمر يقع التبديل لأن الأعمال صور أنشأها العامل لا بل أنشأها اللّٰه فإنه العامل و العبد محل ظهور ذلك العمل كالهيولى لما يقبله من فتح الصور فيها ثم إن الحضور مع اللّٰه تعالى و هو الإحسان في ذلك العمل حياة ذلك العمل و به سمي عبادة و لو لا هذا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 4  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست