responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 7

قضاء الدين و قبض الثمن إلى الترجيح فقال أرجح له حين وزن له فما أعطاه خارجا عن استحقاقه بعين الميزان فهو فضل لا يدخل الميزان إذا الوزن في أصل وضعه إنما وضع للعدل لا للترجيح و كل رجحان يدخله فإنما هو من باب الفضل و إن اللّٰه لم يشرع قط الترجيح في الشر جملة واحدة و إنما قال وَ الْجُرُوحَ قِصٰاصٌ و قال وَ جَزٰاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهٰا و لم يقل أرجح منها و قال فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ و لم يقل بأرجح فَمَنْ عَفٰا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللّٰهِ فرجح في الإنعام و ما ندب اللّٰه عباده إلى فضيلة و كريم خلق إلا و كان الجناب الإلهي الأعلى أحق بذاك و هذا من سبق رحمته غضبه فالنار ينزل فيها أهلها بالعدل من غير زيادة و الجنة ينزل فيها أهلها بالفضل فيرون ما لا تقتضيه أعمالهم من النعيم و لا يرى أهل النار من العذاب إلا قدر أعمالهم من غير زيادة و لا رجحان إلى أن يفعل اللّٰه بهم ما يريد بعد ذلك و لذلك قال في عذابهم إِنَّ رَبَّكَ فَعّٰالٌ لِمٰا يُرِيدُ و ما يعلم أحد من خلق اللّٰه حكم إرادة اللّٰه في خلقه إلا بتعريفه أ لا تراه في حق السعداء يقول عَطٰاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ و الصورة واحدة و المدة واحدة و لم يقل في العذاب إنه غير مجذوذ لكن يقطع بأنهم غير خارجين من النار : و لا يعرف حالتهم فيها في حال الاستثناء ما يفعل اللّٰه فيهم فلا يقضى في ذلك بشيء مع علمنا بأن رحمته سبقت غضبه و علمنا بأن اللّٰه يجزي كل نفس بما عملت : و قد قام الدليل على الفضل في أهل السعادة و ما جاء مثل ذلك في الأشقياء و هذه مسألة يقف عندها صاحب الفكر أو يحكم بغلبة الظن لا بالقطع إلا صاحب الكشف فإنه يعلم بما أعلمه اللّٰه من ذلك غير أن ابن قسي و هو من أهل هذا الشأن قال لا يحكم عدله في فضله و لا فضله في عدله و هذا كلام مجمل فلا أدري هل قاله عن كشف أو عن اعتبار و فكر و هذا الكلام من وجه ينافي

قوله تعالى سبقت رحمتي غضبي و من وجه لا ينافيه فإن الحقائق تعطي أن الفضل لا يحكم في العدل و أن العدل لا يحكم في الفضل فإنه ليس كل واحد من النعتين محلا لحكم الآخر و إن محل حكم الصفة أنما هو في المفضول عليه أو المعدول فيه و إنا قد علمنا من اللّٰه تعالى إن اللّٰه يتفضل بالمغفرة على طائفة من عباده قد عملوا الشر و لم يقم عليهم ميزان العدل و لا آخذهم بعدله و إنما حكم فيهم بفضله و لا يقال في مثل هذا إنه حكم فضله في عدله و هو الذي يليق بابن قسي رحمه اللّٰه إنه أنبأ عن حقيقة كما هو الأمر عليه في نفسه و إذا خالف الكشف الذي لنا كشف الأنبياء ع كان الرجوع إلى كشف الأنبياء ع و علمنا إن صاحب ذلك الكشف قد طرأ عليه خلل بكونه زاد على كشفه نوعا من التأويل بفكره فلم يقف مع كشفه كصاحب الرؤيا فإن كشفه صحيح و أخبر عما رأى و يقع الخطاء في التعبير لا في نفس ما رأى فالكشف لا يخطئ أبدا و المتكلم في مدلوله يخطئ و يصيب إلا أن يخبر عن اللّٰه في ذلك فأما ميزان العلم العقلي فهو على قسمين قسم يدركه العقل بفكره و هو المسمى بالمنطق في المعاني و بالنحو في الألفاظ و هذا ليس هو طريق أهل هذا الشأن أعني علم ما اصطلحوا عليه من الألفاظ المؤدية إلى العلم به من البرهان الوجودي و الجدلي و الخطابي و الكلية و الجزئية و الموجبة و السالبة و الشرطية و غير الشرطية و إن اجتمعنا معهم في المعاني و لا بد من الاجتماع فيها و لكن لا يلزم من الاجتماع في المعنى أن لا يكون ذلك إلا من طريق هذه الألفاظ و كذلك لا يلزمنا معرفة المبتدأ و الابتداء و الفاعل و المفعول و المضاف و المصدر و الإضافة و اسم كان و اسم إن و الإعراب و البناء و إن علمنا المعاني و لكن لا يلزم أن نعرف هذه الألفاظ فصاحب الكشف على بصيرة من ربه فيما يدعو إليه خلقه و لكن للعقل قبول كماله فكر و لذلك القبول في الكشف ميزان قد عرفه فيقيمه في كل معلوم يستقل العقل بإدراكه لكن لا يعلمه هذا الولي من طريق الفكر و ميزان المنطق فالذي دخل في طريقنا من ميزان العلم العقلي هو إذا ورد العلم الذي يحصل عقيب التقوى من قوله تعالى وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللّٰهُ و من قوله إِنْ تَتَّقُوا اللّٰهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقٰاناً فالعارف عند ذلك ينظر في تقواه و ما اتقى اللّٰه فيه من الأمور و ما كان عليه من العمل و ينظر في ذلك العلم و يناسب بينه و بين تقواه في العمل الذي كان عليه فإن موازين المناسبات لا تخطئ فإذا رأى المناسبة محققة بين العلم المفتوح عليه به و بين ذلك العمل و رأى أن ذلك العمل يطلبه فذلك العلم مكتسب له بعمله فإذا رآه خارجا عن الميزان و ترتفع المناسبة أو يكون ما زاد من جنس ما حصل و لكن لا يقتضيه قوة عمله لضعف أو نقص كان في عمله فما زاد على هذا المقدار فهو من علوم الوهب و إن كان له أصل في الكسب فيتعين عليه أن يشكر اللّٰه سبحانه على

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست