responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 69



فلتترجم بكلام حسن لا تكن ممن هذي ثم فشر
لا يرى الحق عبيد لم يكن يبصر المعنى من الحرف نشر
فإذا أبصره قام به و رأى الكون فقيرا فنشر
رحمة اللّٰه على عالمه و دعا الخلق إليه و حشر

[إن اللّٰه قد حرم أعراض المسلمين]

اعلم أيها الولي الحميم أنا روينا في هذا الباب عن عبد اللّٰه بن عباس رضي اللّٰه عنهما إن رجلا أصاب من عرضه فجاء إليه يستحله من ذلك فقال له يا ابن عباس إني قد نلت منك فاجعلني في حل من ذلك فقال أعوذ بالله أن أحل ما حرم اللّٰه إن اللّٰه قد حرم أعراض المسلمين فلا أحلها و لكن غفر اللّٰه لك فانظر ما أعجب هذا التصريف و ما أحسن العلم و من هذا الباب حلف الإنسان على ما أبيح له فعله أن لا يفعله أو يفعله ففرض اللّٰه تحلة الايمان و هو من باب الاستدراج و المكر الإلهي إلا لمن عصمه اللّٰه بالتنبيه عليه فما ثم شارع إلا اللّٰه تعالى قال اللّٰه تعالى لنبيه ص لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّٰاسِ بِمٰا أَرٰاكَ اللّٰهُ و لم يقل بما رأيت بل عتبة سبحانه و تعالى لما حرم على نفسه باليمين في قضية عائشة و حفصة فقال تعالى يٰا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مٰا أَحَلَّ اللّٰهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضٰاتَ أَزْوٰاجِكَ فكان هذا مما أرته نفسه فهذا يدلك أن قوله تعالى بِمٰا أَرٰاكَ اللّٰهُ إنه ما يوحي به إليه لا ما يراه في رأيه فلو كان الدين بالرأي لكان رأى النبي ص أولى من رأى كل ذي رأى فإذا كان هذا حال النبي ص فيما أرته نفسه فكيف رأى من ليس بمعصوم و من الخطاء أقرب إليه من الإصابة فدل إن الاجتهاد الذي ذكره رسول اللّٰه ص إنما هو طلب الدليل على تعيين الحكم في المسألة الواقعة لا في تشريع حكم في النازلة فإن ذلك شرع لم يأذن به اللّٰه و لقد أخبرني القاضي عبد الوهاب الأزدي الإسكندري بمكة سنة تسع و تسعين و خمسمائة قال رأيت رجلا من الصالحين بعد موته في المنام فسألته ما رأيت فذكر أشياء منها قال و لقد رأيت كتبا موضوعة و كتبا مرفوعة فسألت ما هذه الكتب المرفوعة فقيل لي هذه كتب الحديث فقلت و ما هذه الكتب الموضوعة فقيل لي هذه كتب الرأي حتى يسأل عنها أصحابها فرأيت الأمر فيه شدة

[أن الشريعة هي المحجة البيضاء محجة السعداء]

اعلم وفقك اللّٰه أن الشريعة هي المحجة البيضاء محجة السعداء و طريق السعادة من مشى عليها نجا و من تركها هلك

قال رسول اللّٰه ص لما نزل عليه قوله تعالى وَ أَنَّ هٰذٰا صِرٰاطِي مُسْتَقِيماً خط رسول اللّٰه ص في الأرض خط و خطا خطوطا عن جانبي الخط يمينا و شمالا ثم وضع أصبعه على الخط و قال تاليا وَ أَنَّ هٰذٰا صِرٰاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لاٰ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ و أشار إلى تلك الخطوط التي خطها عن يمين الخط و يساره فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ و أشار إلى الخط المستقيم و لقد أخبرني بمدينة سلا مدينة بالمغرب على شاطئ البحر المحيط يقال لها منقطع التراب ليس وراءها أرض رجل من الصالحين الأكابر من عامة الناس قال رأيت في النوم محجة بيضاء مستوية عليها نور سهلة و رأيت عن يمين تلك المحجة و شمالها خنادق و شعابا و أودية كلها شوك لا تنسلك لضيقها و توعر مسالكها و كثرة شوكها و الظلمة التي فيها و رأيت جميع الناس يخبطون فيها عشواء و يتركون المحجة البيضاء السهلة و على المحجة رسول اللّٰه ص و نفر قليل معه يسير و هو ينظر إلى من خلفه و إذا في الجماعة متأخر عنها لكنه عليها الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن قرقور المحدث كان سيدا فاضلا في الحديث اجتمعت بابنه فكان يفهم عن النبي ص أنه يقول له ناد في الناس بالرجوع إلى الطريق فكان ابن قرقور يرفع صوته و يقول في ندائه و لا من داع و لا من مستدع هلموا إلى الطريق هلموا قال فلا يجيبه أحد و لا يرجع إلى الطريق أحد

[لما غلبت الأهواء على النفوس تركوا المحجة البيضاء]

و اعلم أنه لما غلبت الأهواء على النفوس و طلبت العلماء المراتب عند الملوك تركوا المحجة البيضاء و جنحوا إلى التأويلات البعيدة ليمشوا أغراض الملوك فيما لهم فيه هوى نفس ليستندوا في ذلك إلى أمر شرعي مع كون الفقيه ربما لا يعتقد ذلك و يفتي به و قد رأينا منهم جماعة على هذا من قضاتهم و فقهائهم و لقد أخبرني الملك الظاهر غازي ابن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب و قد وقع بيني و بينه في مثل هذا كلام فنادى بمملوك و قال جئني بالحرمدان فقلت له ما شأن الحرمدان قال أنت تنكر على ما يجري في بلدي و مملكتي من المنكرات و الظلم و أنا و اللّٰه أعتقد مثل ما تعتقد أنت فيه من أن ذلك كله منكر و لكن و اللّٰه يا سيدي ما منه منكر

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست