responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 63

و هو من الصلاة لمن عقل ما المراد بالصلاة و كما لم يقدح في صلاته ما تشاهده عينه من المحسوسات التي في قبلته التي ظهرت لبصره بوجودها و ذواتها من العوالم و حركاتهم و لا يخرجه ذلك عن كونه مصليا بلا خلاف و يكره للمصلي أن يغمض عينيه في صلاته فكذلك أيضا ما يتجلى لعين بصيرته و قلبه من مثل الخواطر و صور الأمور التي تعرض له في باطنه و هي من عند اللّٰه و عين بصيرته مفتوح مثل عين حسه فكل صورة ممثلة تجلى له الحق بها في باطنه كما تجلى له في المحسوسات في ظاهره فلا بد أن يدركها بعين بصيرته و قلبه كما أدرك صور المحسوسات ببصره و كما أنه لم يخرجه ذلك عن كونه مصليا على حد ما شرع له مع استقباله القبلة بوجهه كذلك لا يخرجه ما شاهده في باطنه من صور الأكوان عن كونه مصليا على حد ما شرع له مع استقباله ربه و ذلك الاستقبال هو المعبر عنه بالنية المطلوبة منه عند الشروع في تلك العبادة فمن لا علم له بالأمور يقدح هذا عنده فإن احتج أحد بقوله ص في الركعتين اللتين يصليهما العبد عقيب الوضوء لا يحدث نفسه فيهما بشيء فليس بحجة و ما فهم ما أراده رسول اللّٰه ص و ما حقق نظره في لفظه بما ذا قيده ص فإنه قيده بالحديث مع نفسه و هذه الصور التي يرى المصلي نفسه فيها إنما يشاهدها بعين قلبه و ما تعرض الشارع إلا لمن يحدث لا لمن يبصر لأنه ليس في قوته إن يغمض عين قلبه عما تجلى له الحق من الصور ثم قيد الحديث منه مع نفسه فإن تحدث مع ربه أو مع الصورة التي تتجلى له في صلاته فإن ذلك لا يقدح في صلاته و

قد كان رسول اللّٰه ص في صلاته إذا مر في تلاوته بآية استغفار استغفر و بآية رغبة سأل اللّٰه في نيل ما تدل عليه و ما أخرجه شيء من ذلك عن كونه مصليا و لا حدثت له نية أخرى تخرجه عن صلاته كما لم يتحول في ظاهره إلى جهة أخرى غير جهة قبلته فما دام المصلي لم يتحول عن قبلته بوجهه و لا أحدث نية خروج عن صلاته فصلاته صحيحة مقبولة ذلك من فضل اللّٰه على عباده و رحمته بهم و ما كل إنسان يعلم خطاب الحق عباده و ما أراده منهم و أما الحديث المروي عن رسول اللّٰه ص فيما يقبل من الصلاة عشرها إلى أن وصل إلى نصفها إلى ما عقل منها فلم يصح و لو صح لما قدح فيما ذكرناه

[علم الإجمال و علم التفصيل]

و اعلم أن هذا المنزل منزل عظيم جليل القدر له بالنبي ص اختصاص عظيم و هذا القدر الذي ذكرنا منه فيه غنية لمن نظر و استبصر فلنذكر ما يحوي عليه من العلوم فإن أبواب الكتاب كثيرة و يطول الكلام فيها مع كثرتها فيتعذر تحصيله على من يريده فاعلم أنه يحوي على علم الإجمال و هل في علم اللّٰه إجمال أو لا يعلم الأشياء إلا على التفصيل و هي غير متناهية و يحوي على علم التفصيل و يحوي على العلم الذي بين الإجمال و التفصيل و هو علم غريب لا يعرفه القليل من العلماء بالله فكيف الكثير و فيه علم الدواوين و ترتيبها و فيه علم الأجور و المستحقين لها مع كونهم عبيدا و لم سمي العبد أجيرا فإنه مشعر بأن له نسبة إلى نسبة الفعل الصادر منه إليه فتكون الإجارة من تلك النسبة و منها طلب العون على خدمة سيده و من أية جهة تعين الفرض عليه ابتداء قبل الأجرة و الأجير لا يفترض عليه إلا حتى يؤجر نفسه و العبد فرض عليه طاعة سيده و الإنسان هنا مع الحق على حالين حالة عبودية و حالة إجارة فمن كونه عبدا يكون مكلفا بالفرض كالصلاة المفروضة و الزكاة و جميع الفرائض و لا أجر له عليها جملة واحدة في أداء فرضه بل له ما يمتن به عليه سيده من النعم التي هي أفضل من الأجور لا على جهة الأجر ثم إن اللّٰه تعالى ندبه إلى عبادته في أمور ليست عليه فرضا فعلى تلك الأعمال المندوب إليها فرضت الأجور فإن تقرب العبد بها إلى سيده أعطاه إجارته عليها و إن لم يتقرب لم يطلب بها و لا عوتب عليها فمن هنا كان العبد حكمه حكم الأجنبي في الإجارة فالفرض له الجزاء الذي يقابله فإنه العهد الذي بين اللّٰه و عباده و النوافل لها الأجور و هي

قوله تعالى و لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا و بصرا الحديث فالنافلة أنتجت له المحبة الإلهية ليكون الحق سمعه و بصره و المحبة الإلهية هي التي أنزلته من الحق منزلة أن يكون الحق سمعه و بصره و العلة في ذلك أن المتنفل عبد اختيار كالأجير فإذا اختار الإنسان أن يكون عبد اللّٰه لا عبد هواه فقد آثر اللّٰه على هواه و هو في الفرائض عبد اضطرار لا عبد اختيار فتلك العبودية أوجبت عليه خدمة سيده فيما افترضه عليه فبين الإنسان في عبوديته الاضطرارية و بين عبوديته الاختيار ما بين الأجير و العبد المملوك فالعبد الأصلي ما له على سيده استحقاق إلا ما لا بد منه يأكل

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 63
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست