responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 506



تحصنت فأتاها الروح يمنحها من فوق سبع سماوات من اللوح
أهدى لها هبة عليا مشرفة أسنى و أشرق فينا من سنا يوح
تحيي و ليس لها سيف تميت به تدعى إذا دعيت باللطف بالروح

[عالم العماء]

نعني بالهبة عيسى روح اللّٰه من قول جبريل لمريم لِأَهَبَ لَكِ غُلاٰماً زَكِيًّا

ورد في الخبر أنه قيل لرسول اللّٰه ص أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه فقال رسول اللّٰه ص كان في عماء ما فوقه هواء و ما تحته هواء و قد ذكرنا فيما تقدم حديث العماء و أن فيه انفتحت صور العالم و الذي يقوم عليه الدليل إن كل شيء سوى اللّٰه حادث و لم يكن ثم كان فينفي الدليل كون ما سوى اللّٰه في كينونة الحق الواجب الوجود لذاته فدوام الإيجاد لله تعالى و دوام الانفعال للممكنات و الممكنات هي العالم فلا يزال التكوين على الدوام و الأعيان تظهر على الدوام فلا يزال امتداد الخلأ إلى غير نهاية لأن أعيان الممكنات توجد إلى غير نهاية و لا تعمر بأعيانها إلا الخلأ و قولنا فيما تقدم إن العالم ما عمر سوى الخلأ نريد أنه ما يمكن أن يعمر ملا لأن الملأ هو العامر فلا يعمر في ملا و ما ثم إلا ملا أو خلافا لعالم في تجديد أبدا فالآخرة لا نهاية لها و لو لا نحن لما قيل دنيا و لا آخرة و إنما كان يقال ممكنات وجدت و توجد كما هو الأمر فلما عمرنا نحن من الممكنات المخلوقة أماكن معينة إلى أجل مسمى من حين ظهرت أعياننا و نحن صور من صور العالم سمينا ذلك الموطن الدار الدنيا أي الدار القريبة التي عمرناها في أول وجودنا لأعياننا و قد كان العالم و لم نكن نحن مع أن اللّٰه تعالى جعل لنا في عمارة الدار الدنيا آجالا ننتهي إليها ثم تنتقل إلى موطن آخر يسمى آخرة فيها ما في هذه الدار الدنيا و لكن متميز بالدار كما هو هنا متميز بالحال و لم يجعل لإقامتنا في تلك الدار الآخرة أجلا تنتهي إليه مدة إقامتنا و جعل تلك الدار محلا للتكوين دائما أبدا إلى غير نهاية و بدل الصفة على الدار الدنيا فصارت بهذا التبديل آخرة و العين باقية و بقي من لا علم له من اللّٰه بالأمور في حيرة فعلى الحقيقة ما ثم حيرة في حق العلماء بالله و بنسبة العالم إلى اللّٰه فالعلماء في فرحة أبدا و من عداهم في ظلم الحيرة تائهون دنيا و آخرة و لو لا تجديد الخلق مع الأنفاس لوقع الملل في الأعيان لأن الطبيعة تقتضي الملل و هذا الاقتضاء هو الذي حكم بتجديد الأعيان و لذلك

قال رسول اللّٰه ص عن اللّٰه تعالى إن اللّٰه لا يمل حتى تملوا فعين ملل العالم هو ملل الحق و لا يمل من العالم إلا من لا كشف له و لا يشهد تجديد العالم مع الأنفاس على الدوام و لا يشهد اللّٰه خلاقا على الدوام و الملل لا يقع إلا بالاستصحاب فإن قلت فالدوام على تجديد الخلق استصحاب و الملل ما وقع مع وجود الاستصحاب قلنا الأحكام الذاتية لا يمكن فيها تبدل و الخلاق لذاته يخلق و العالم لذاته ينفعل فلا يصح وجود الملل فالتقليب في النعيم الجديد لا يقتضي الملل في المنقلب فيه لأنه شهود ما لم يشهد بفرح و ابتهاج و سرور و لهذا قال تعالى وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وجد و يوجد إلى غير نهاية فإن الرحمة حكم لا عين فلو كانت عينا وجوديا لانتهت و ضاقت عن حصول ما لا يتناهى فيها و إنما هي حكم يحدث في الموجودات بحدوث أعيان الموجودات من الرحمن الرحيم وَ الرّٰاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يعني في العلم بالله يَقُولُونَ آمَنّٰا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنٰا الرحمة و المرحوم وَ مٰا يَذَّكَّرُ إِلاّٰ أُولُوا الْأَلْبٰابِ و هم الغواصون الذين يستخرجون لب الأمور إلى الشهادة العينية بعد ما كان يستر ذلك اللب القشر الظاهر الذي كان به صونه و هذا يحوي على تسعة آلاف مقام هكذا وقع الإخبار من أهل الكشف و الوجود منها ألف مقام لطائفة خاصة و لطائفة أخرى ثلاثة آلاف مقام و لطائفة ثالثة خمسة آلاف مقام فارفع الطوائف الطائفة التي لها ألف مقام و تليها في الرفعة الطائفة التي لها ثلاثة آلاف مقام و تليها الطائفة التي لها خمسة آلاف مقام في الرفعة و أعلى الطوائف من لا مقام له و ذلك لأن المقامات حاكمة على من كان فيها و لا شك أن أعلى الطوائف من له الحكم لا من يحكم عليه و هم الإلهيون لكون الحق عينهم و هو أحكم الحاكمين و ليس ذلك لأحد من الناس إلا للمحمديين خاصة عناية إلهية سبقت لهم كما قال تعالى في أمثالهم إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنىٰ أُولٰئِكَ عَنْهٰا مُبْعَدُونَ يعني النار فإن النار من جملة هذه المقامات فهم على الحقيقة عن المقامات مبعدون فأصحاب المقامات هم الذين قد انحصرت هممهم إلى غايات و نهايات فإذا وصلوا إلى تلك الغايات تجددت لهم في قلوبهم غايات أخر تكون تلك الغايات التي وصلوا إليها لهم بدايات إلى هذه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 506
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست