responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 460

ذات موجدها و هو علم لطيف فإنه كلام حق من حق لكن الأفهام تختلف فيه فإنه يقول للصور إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَ يَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ فمعناه إن يشأ يشهدكم في كل زمان فرد الخلق الجديد الذي أخذ اللّٰه بأبصاركم عنه فإن الأمر هكذا هو في نفسه و الناس منه في لبس إلا أهل الكشف و الوجود فإن قلت فقد قلت ببقاء عين الجوهر قلنا ليس بقاؤه لعينه و إنما بقاؤه للصور التي تحدث فيه فلا يزال الافتقار منه إلى اللّٰه دائما فالجوهر فقره إلى اللّٰه للبقاء و الصور فقرها إلى اللّٰه لوجودها فالكل في عين الفقر إلى اللّٰه وَ اللّٰهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ بالغنى أي المثنى عليه بصفة الغني عن العالم و في هذا المنزل من العلوم علم إضافة الأعمال إلى الخلق و هو مذهب بعض أهل النظر و الخلاف في ذلك قد تقدم في هذا الكتاب و حكاية المذاهب فيه و أقوالهم و فيه علم تعليم الحق عباده كيف يعاملونه بما يعاملونه به إذ لا تخلو نفس عن معاملة تقوم بها و فيه علم التنبيه على حقيقة الإنسان و فيه علم اختلاف العالم لما ذا يرجع بالصورة و بالحكم و فيه علم العناية ببعض المخلوقين و هي العناية الخاصة و أما العناية العامة فهي الإيجاد له و فقر العالم كله إليه تعالى و فيه علم تأثير الأعمال الخيرية في الأعمال غير الخيرية و أعمال الشر في أعمال الخير و أن القوي من الأعمال يذهب بالأضعف و أن العدم في الممكن أقوى من الوجود لأن الممكن أقرب نسبة إلى العدم منه إلى الوجود و لذلك سبق بالترجيح على الوجود في الممكن فالعدم حضرته لأنه الأسبق و الوجود عارض له و لهذا يكون الحق خلاقا على الدوام لأن العدم يحكم على صور الممكنات بالذهاب و الرجوع إليه رجوع ذاتي فحكم العدم يتوجه على ما وجد من الصور و حكم الإيجاد من واجب الوجود يعطي الوجود دائما عين صورة بعد عين صورة فالممكنات بين إعدام للعدم و بين إيجاد لواجب الوجود و أما تعلق ذلك بالمشيئة الإلهية فإنه سر من أسرار اللّٰه نبه اللّٰه عليه في قوله إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ من باب الإشارة إلى غوامض الأسرار لأولي الأفهام إنه عين كل منعوت بكل حكم من وجود أو عدم و وجوب و إمكان و محال فما ثم عين توصف بحكم إلا و هو ذلك العين و هذه مسألة تضمنها هذا المنزل و لو لا ذلك ما ذكرناها فإنه ما تقدم لها ذكر في هذا الكتاب و لن تراها في غيره إلا في الكتب المنزلة من عند اللّٰه كالقرآن و غيره و منها أخذناها بما رزقنا اللّٰه من الفهم في كلامه و فيه علم ما يمحو عبادة الصلاة من الأعمال التي نهى الشرع أن يعمل بها المكلف و فيه علم تأثير المجاورة و لذلك أوصى اللّٰه تعالى بالجار و قد أجرى اللّٰه على ألسنة العامة في أمثالهم أن يقولوا الرفيق قبل الطريق و

قال رسول اللّٰه ص اللهم أنت الصاحب في السفر فهو رفيقه و الخليفة في الأهل فهو وكيله و من كمال امرأة فرعون قولها رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ فقدمته على البيت و هو الذي جرى به المثل في قولهم الجار قبل الدار و قال اللّٰه في تأثير الجوار لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً إِذاً لَأَذَقْنٰاكَ و قال وَ لاٰ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّٰارُ و من جاور مواضع التهم لا يلومن من نسبه إليها و فيه علم الأمر الإلهي إذا لم ينفذ ما المانع لنفوذه و ما هو الأمر الإلهي و هل له صيغة أم لا و فيه علم مجازاة كل عامل دنيا و آخرة جازاه بذلك من جازاه من حق و خلق و الكل جزاء اللّٰه فما في الكون الأجزاء بالخير و الشر و فيه علم الفرق بين الفرق و بذلك سموا فرقا و حكم اللّٰه الجامع و الفارق و ما يجتمع فيه العالم و ما يفترق و فيه علم السعادة و الشقاوة و ما ينقطع من ذلك و ما لا ينقطع و فيه علم الدار الآخرة ما هي و لما ذا اختصت باسم الحيوان و الدنيا مثلها في هذه الصفة يدل على ذلك وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ و فيه علم يعلم به إن اللّٰه لو لا ما جعل المؤاخذة على الجرائم دلالة ما آخذ اللّٰه بها أحدا من خلقه جملة واحدة و فيه علم امتياز الإمام و المأموم و اختلاف مراتب الأئمة في الإمامة و كيف يكون السعيد إماما للأشقياء و حكمه بالإمامة في الدنيا و حكمه بذلك في الآخرة فأما في الآخرة فيعم الاتباع و لكن من الاتباع هناك ما لا يزول إلى مقر الحسنى و منه ما يأتيه امتناع إمامه في الدنيا فيصرف عن اتباعه في الأخرى لأن الإمام يسعد و ليس ذلك المتبع المصروف من أهل السعادة فلا بد أن يحال بينه و بين إمامه و فيه علم النصائح و ممن تقبل و ما حظ العقل من النصائح و ما حظ الشرع منها و فيه علم عموم ود اللّٰه و محبته في صنعته و مصنوعاته و لذلك عمهم بالرحمة و الغفران لمن يعقل عن اللّٰه فإنه المؤمن و من شأن المؤمن أنه لا تخلص له معصية أصلا لا يشوبها طاعة كذلك

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 460
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست