responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 39

جملة واحدة أن يأمر اللّٰه أحدا بشريعة يتعبده بها في نفسه أو يبعثه بها إلى غيره و ما نمنع أن يعلمه الحق على الوجه الذي نقرره و قرره أهل طريقنا بالشرع الذي تعبده به على لسان الرسول ع من غير أن يعلمه ذلك عالم من علماء الرسوم بالمبشرات التي أبقيت علينا من آثار النبوة و هي الرؤيا يراها الرجل المسلم أو ترى له و هي حق و وحي و لا يشترط فيها النوم لكن قد تكون في النوم و في غير النوم و في أي حالة كانت فهي رؤيا في الخيال بالحس لا في الحس و المتخيل قد يكون من داخل في القوة و قد يكون من خارج بتمثل الروحاني أو التجلي المعروف عند القوم و لكن هو خيال حقيقي إذا كان المزاج المستقيم المهيا للحق فإذا ورد الملك على النبي ع بحكم أو بعلم خبري و إن كان الكل من قبيل الخبر و لقي تلك الصورة الروح الإنساني و تلاقى هذا بالإصغاء و ذلك بالإلقاء و هما نوران احتد المزاج و اشتعل و تقوت الحرارة الغريزية المزاجية في النورين و زادت كميتها فتغير وجه الشخص لذلك و هو المعبر عنه بالحال و هو أشد ما يكون و تصعد الرطوبات البدنية بخارات إلى سطح كرة البدن لاستيلاء الحرارة فيكون من ذلك العرق الذي يطرأ على أصحاب هذه الأحوال للانضغاط الذي يحصل بين الطبائع من التقاء الروحين و لقوة الهواء الحار الخارج من البدن بالرطوبات تغمر المسام فلا يتخلله الهواء البارد من خارج فإذا سرى عن النبي و عن صاحب الحال و انصرف الملك من النبي و الرقيقة الروحانية من الولي سكن المزاج و انفشت تلك الحرارة و انفتحت المسام و قبل الجسم الهواء البارد من خارج فتخلل الجسم فيبرد المزاج فيزيد في كمية البرودة و تستولي على الحرارة و تضعفها فذلك هو البرد الذي يجده صاحب الحال و لهذا تأخذه القشعريرة فيزاد عليه الثياب ليسخن ثم بعد ذلك يخبر بما حصل له في تلك البشرى إن كان وليا أو في ذلك الوحي إن كان نبيا و هذا كله إذا كان التنزيل على القلب بالصفة الروحانية فإن كان نفثا فهو الإلهام و هذا يكون للولي و للنبي و أما إن حدث فسمع من غير رؤية فهو المحدث و أما إن تراءى له الملك إن كان نبيا في زمان وجود النبوة أو تراءت له الرقيقة رجلا ممثلا أو صورة حيوان يخاطبه بما جاء به إليه فإن كان وليا فيعرضه على الكتاب و السنة فإن وافق رآه خطاب حق و تشريف لا غير لا زيادة حكم و لا إحداث حكم لكن قد يكون بيان حكم أو أعلاما بما هو الأمر عليه فيرجع ما كان مظنونا معلوما عنده و إن لم يوافق الكتاب و السنة رآه خطاب حق و ابتلاء لا بد من ذلك فعلم قطعا إن تلك الرقيقة ليست برقيقة ملك و لا بمجلى إلهي و لكن هي رقيقة شيطانية فإن الملائكة ليس لها مثل هذا المقام و إنها أجل من ذلك و أكثر ما يطرأ هذا على أهل السماع من الحق في الخلق فما بقي للأولياء اليوم بعد ارتفاع النبوة إلا التعريف و انسدت أبواب الأوامر الإلهية و النواهي فمن ادعاها بعد محمد فهو مدع شريعة أوحي بها إليه سواء وافق بها شرعنا أو خالف و أما في غير زماننا قبل رسول اللّٰه ص فلم يكن تحجير و لذلك قال العبد الصالح خضر وَ مٰا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي فإن زمانه أعطى ذلك و هو على شريعة من ربه و قد شهد له الحق بذلك عند موسى و عندنا و زكاه و أما اليوم فإلياس و الخضر على شريعة محمد ص إما بحكم الوفاق أو بحكم الاتباع و على كل حال فلا يكون لهما ذلك إلا على طريق التعريف لا على طريق النبوة و كذلك عيسى ع إذا نزل فلا يحكم فينا إلا بسنتنا عرفه الحق بها على طريق التعريف لا على طريق النبوة و إن كان نبيا فتحفظوا يا إخواننا من غوائل هذا الموطن فإن تمييزه صعب جدا و تستحليه النفوس و يطرأ عليها فيه التلبيس لتعشقها به و إذا أنس المحل بمثل هذا الإلقاء الذي ذكرناه هان عليه حمله و ما يكون فيه كمثله حين يفجأه و إن اللّٰه إذا تكلم بالوحي فكأنه سلسلة على صفوان فتصعق الأرواح عند سماعها و يكون العلم الذي يحصل لها في تلك الصلصلة كالعلم الذي حصل من الضرب بين الكتفين و كالعلم الحاصل من النظر سؤالا و جوابا و استفادة علوم كثيرة من مجرد ضرب أو نظر و قد رأينا هذا كله بحمد اللّٰه من نفوسنا فلا نشك فيه و ما أشبهه إلا بأبواب مغلقة فإذا فتحت الأبواب و تجلى لك ما وراءها أحطت بالنظرة الواحدة علما بها كما يفتح الإنسان عينه في اللمحة الواحدة فيدرك من الأرض إلى فلك البروج ثم الذي يجده صاحب هذا الأمر من ثلج برد اليقين ما لا يقدر قدره و لتلك الحرارة التي قلنا توجد عند الإلقاء

كان رسول اللّٰه ص يقول عند افتتاح كل صلاة و في أكثر الأحوال اللهم اغسلني بالثلج و الماء البارد و البرد فهذه ثلاثة كلها بوارد

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست