responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 372

و غير موجود و الحد في الحالين على السواء في عينه فإذا ليس وجوده عينه و وجود الرب عينه فينبغي للعبد أن لا يقوم في مقام يشم منه فيه روائح ربوبية فإن ذلك زور و عين جهل و صاحبه ما حصل له مقام العبودة كما هو الأمر في نفسه و لا أزيد من قولي لا تشم فيه رائحة ربوبية إلا عنده في نفسه لا يغفل عن مشاهدة عبودته و أما غيره فقد ينسبون إليه ربوبية لما يرونه عليه من ظهور آثارها فذلك لله لا له و هو في نفسه على خلاف ما يظهر للعالم منه فإن ذلك محال أن لا يظهر للربوبية أثر منها عليه و إذا عرف التلميذ من الشيخ أنه بهذه المثابة فقد فتح اللّٰه على ذلك التلميذ بما فيه سعادته فإنه يتجرد إلى جانب الحق تجرد الشيخ فإنه عرف منه و اتكل على اللّٰه لا عليه و بقي ناظرا في الشيخ ما يجري اللّٰه عليه من الحال في حق ذلك التلميذ من نطق بأمر يأمره به أو ينهاه أو بعلم يفيده فيأخذه التلميذ من اللّٰه على لسان هذا الشيخ و يعلم التلميذ في نفسه من الشيخ ما يعلمه الشيخ من نفسه أنه محل جريان أحكام الربوبية حتى لو فقد الشيخ لم يقم فقده عند ذلك التلميذ ذلك القيام لعلمه بحال شيخه كأبي بكر الصديق مع رسول اللّٰه ص حين مات رسول اللّٰه ص فما بقي أحد إلا اضطرب و قال ما لا يمكن أن يسمع و شهد على نفسه في ذلك اليوم بقصوره و عدم معرفته برسوله الذي اتبعه إلا أبا بكر فإنه ما تغير عليه الحال لعلمه بما ثم و ما هو الأمر عليه فصعد المنبر و قال قارئا وَ مٰا مُحَمَّدٌ إِلاّٰ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ مٰاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلىٰ أَعْقٰابِكُمْ الآية فتراجع من حكم عليه وهمه و عرف الناس حينئذ فضل أبي بكر على الجماعة فاستحق الإمامة و التقديم فما بايعه من بايعه سدا و ما تخلف عن بيعته إلا من جهل منه ما جهل أيضا من رسول اللّٰه ص أو من كان في محل نظر في ذلك أو متأولا فإنه رضي اللّٰه عنه قد شهد له رسول اللّٰه ص في حياته بفضله على الجماعة بالسر الذي وقر في صدره فظهر حكم ذلك السر في ذلك اليوم و ليس إلا ما ذكرناه و هو استيفاء مقام العبودة بحيث إنه لم يخل منه بشيء في حقه و في حق رسول اللّٰه ص فعلم محمد ص أن أبا بكر الصديق مع من دعاه إليه و هو اللّٰه تعالى ليس معه إلا بحكم أنه يرى ما يخاطبه الحق سبحانه به على لسان رسوله ص في كل خطاب يسمعه منه بل من جميع من يخاطبه و قد علمه الحق في نفسه ميزان ما يقبل من خطابه و ما يرد و نرجو إن شاء اللّٰه أن يكون مقامنا هذا و لا يجعلها دعوى غير صادقة فإني ذقت هذا المقام ذوقا لا مزاج فيه أعرفه من نفسي و ما سمعته عن أحد ممن تقدمني بالزمان غير أبي بكر الصديق إلا واحد من الرجال المذكورين في رسالة القشيري فإنه حكي عنه أنه قال لو اجتمع الناس أن ينزلوا نفسي منزلتها مني من الخسة لم يستطيعوا ذلك و هذا ليس إلا لمن ذاق طعم العبودية لغيره لا يكون و لما شهدت لي جماعة أني على قدم أبي بكر الصديق من الصحابة علمت أنه ليس إلا مقام العبودة المحضة لله الحمد و الشكر على ذلك فالله يجعل من نظر إلى مرة واحدة من عمره إن يكون هذا نعته في نفسه دنيا و آخرة و كذلك حكى صاحب البياض و السواد في كتابه عن بعض الرجال أنه قال العارف مسود الوجه في الدنيا و الآخرة فإن كنى عن نفسه فهو صاحب المقام و إن عثر عليه من غير إن يكون نعته فقد وفى ما خلق اللّٰه الإنسان له حقه لأنه قال وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ يعني ظاهرا و باطنا فما جعل لهم في الربوبية قدما فهكذا ينبغي أن يكون الإنسان في نفسه فيقوم بحق ما خلق له و إن لم يفعل فهو إنسان حيوان وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الوصل الرابع»من خزائن الجود فيما يناسبه

و يتعلق به من المنزل الرابع و قد ذكرنا ما يتضمنه من العلوم في موضعه في الباب الثالث و السبعين و مائتين فاعلم أنه من خزائن الجود ما يجب على الإنسان أن يعلمه ذوقا و هو علم ما يستغني به مما لا يستغني به و ذلك أن يعلم أن غاية درجة الغني في العبد أن يستغني بالله عما سواه و ليس ذلك عندنا مقاما محمودا في الطريق فإن في ذلك قدرا لما سوى الحق و تميزا عن نفسه و صاحب مقام العبودة يسرى ذوقه في كل ما سوى اللّٰه أنه عبد كهو لا فرق و يرى أن كل ما سوى اللّٰه محل جريان تعريفات الحق له فيفتقر إلى كل شيء فإنه ما يفتقر إلا إلى اللّٰه و لا يرى أن شيئا يفتقر إليه في نفسه و إن أفاد اللّٰه الناس على يديه فهو عن ذلك في نفسه بمعزل و يرى

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 372
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست