responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 316

فلذلك جاء بحرف الخطاب ليفتح اللام و ليعلم بآلة الخطاب أنهم قوم مخصوصون لأنه لا يفقد من العالم ضمير الغائب فلا بد له من أهل مثل قوله في السعداء لَهُمْ جَنّٰاتٍ تَجْرِي فأتى بضمير الغائب فغابوا عن هؤلاء المخاطبين و فتح اللام فتح رحمة تعطيها قرائن الأحوال و لهذه الأداة مراتب يعامل الحق بها عباده مثل قوله وَ إِنَّهُمْ عِنْدَنٰا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيٰارِ و مثل قوله مٰا كٰانَ اللّٰهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلىٰ مٰا أَنْتُمْ عَلَيْهِ و مٰا كٰانَ اللّٰهُ لِيُضِيعَ إِيمٰانَكُمْ و سَخَّرَ لَكُمْ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ و خَلَقَ لَكُمْ مٰا فِي الْأَرْضِ و لَهُ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا وَ مٰا تَحْتَ الثَّرىٰ فله و لنا و مع هذا فالأدب يلزمنا و بالأدب يكون أصحاب السلطان جلساء من غير انبساط لأن الشهود و الانبساط لا يجتمعان قال بعضهم اقعد على البساط و إياك و الانبساط

إني عبدت من أمر ليس يصلح لي و لست أعبد من نعتي بصورته
فإنه قال هذا لم أقله أنا و ليس سورة حالي غير سورته
فإن الدون الأدون إذا نسب إليه ما لا يقتضيه مقامه من الصفات الشريفة يأنف من ذلك لأنه هجو به كما يأنف الشريف أن يوصف بدون ما يستحقه شرفه

(وصل) [الفرق بين الولي و النبي]

و أما من قال من أصحابنا و ذهب إليه كالإمام أبي حامد الغزالي و غيره بأن الفرق بين الولي و النبي نزول الملك فإن الولي ملهم و النبي ينزل عليه الملك مع كونه في أمور يكون ملهما فإنه جامع بين الولاية و النبوة فهذا غلط عندنا من القائلين به و دليل على عدم ذوق القائلين به و إنما الفرقان إنما هو فيما ينزل به الملك لا في نزول الملك فالذي ينزل به الملك على الرسول و النبي خلاف الذي ينزل به الملك على الولي التابع فإن الملك قد ينزل على الولي التابع بالاتباع و بإفهام ما جاء به النبي مما لم يتحقق هذا الولي بالعلم به و إن كان متأخرا عنه بالزمان أعني متأخرا عن زمان وجوده فقد ينزل عليه بتعريف صحة ما جاء به النبي و سقمه مما قد وضع عليه أو توهم أنه صحيح عنه أو ترك لضعف الراوي و هو صحيح في نفس الأمر و قد ينزل عليه الملك بالبشرى من اللّٰه بأنه من أهل السعادة و الفوز و بالأمان كل ذلك في الحياة الدنيا فإن اللّٰه عز و جل يقول لَهُمُ الْبُشْرىٰ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا و قال في أهل الاستقامة القائلين بربوبية اللّٰه إن الملائكة تنزل عليهم قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ قٰالُوا رَبُّنَا اللّٰهُ ثُمَّ اسْتَقٰامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاٰئِكَةُ أَلاّٰ تَخٰافُوا وَ لاٰ تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيٰاؤُكُمْ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا و من أولياء اللّٰه من يكون له من اللّٰه ذوق الإنزال في التنزيل فما طرأ ما طرأ على القائلين بخلاف هذا إلا من اعتقادهم في نفوسهم أنهم قد عموا بسلوكهم جميع الطرق و المقامات و أنه ما بقي مقام إلا و لهم فيه ذوق و ما رأوا أنهم نزل عليهم ملك فاعتقدوا إن ذلك مما يختص به النبي فذوقهم صحيح و حكمهم باطل و هم قائلون إنه من أتى منهم بزيادة قبلت منه لأنه عدل صاحب ذوق ما عندهم تجريح و لا طعن و لا يتعدون ذوقهم فمن هنالك وقع الغلط و لو وصل إليهم ممن تقدمهم أو كان معهم في زمانهم من أهل اللّٰه القول بنزول الملك على الولي قبلوه و ما ردوه و قد رأينا في الوقائع ممن تقدم جماعة غير قائلين بأمر ما فلما سمعوه منا قبلوه و لم ينكروه لارتفاع التهمة عنهم في أشكالهم و أمثالهم فإن قال أحد من أهل اللّٰه من أهل الإشارات و هم أصحاب النداء على رأس البعد إنك قد قلت إنه ما من حقيقة و لا نسبة في العالم إلا و هي صادرة عن نسبة إلهية و من نسب العالم الافتقار و قد قال أبو يزيد و هو من أهل الكشف و الوجود إن اللّٰه قال له في بعض مشاهده معه تقرب إلي بما ليس لي الذلة و الافتقار

[أن للحق تعالى الرحمة و العفو و الكرم و المغفرة]

فاعلم أيها المستفيدان الحق تعالى له الرحمة و العفو و الكرم و المغفرة و ما جاء من ذلك من أسمائه الحسنى و هي له تعالى حقيقة و كذلك له الانتقام و البطش الشديد فهو سبحانه الرحيم العفو الكريم الغفور ذو انتقام و من المحال أن تكون آثار هذه الأسماء فيه أو يكون محلا لآثارها فرحيم بمن و عفو عمن و كريم على من و غفور لمن و ذو انتقام ممن فلا بد أن يقول إن اللّٰه الخالق يطلب المخلوق و المخلوق يطلب الخالق و صفة الطالب معروفة و الحاصل لا ينفي فلا بد من العالم لأن الحقائق الإلهية تطلبه و قد بينا لك أن معقولية كونه ذاتا ما هي معقولية كونه إلها فثنت المرتبة و ليس في الوجود العيني سوى العين فهو من حيث هو غني عن العالمين و من حيث الأسماء الحسنى التي تطلب العالم لإمكانه لظهور آثارها فيه يطلب وجود العالم فلو كان العالم موجودا ما طلب وجوده فالأسماء

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 316
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست