responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 288

حظ قريبا هل السحر الذين قال اللّٰه فيهم يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أي إلى موسى مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهٰا تَسْعىٰ و ليست بساعية في نفس الأمر و هي ساعية في نظر موسى و نظر الحاضرين إلا السحرة فإنهم يرونها حبالا و الغريب لو ورد لرآها كما يراها الساحر بخلاف من له النيابة على عالم الخيال و في حضرته كموسى فإنه لا يرى ما يجسده من المعاني جسدا كما جسدوه و يراه هو معنى إنما ذلك للساحر لعدم قوته و ما بين الساحر و بين صاحب هذه النيابة كموسى إلا كون الحق جعله نائبا عنه و اتخذه موسى وكيلا فَأَلْقىٰ مُوسىٰ عَصٰاهُ عن أمر حق و هو أمر موكله فقال له أَلْقِ عَصٰاكَ فرآها حية فخاف و أخبر عن السحرة أنهم فَأَلْقَوْا حِبٰالَهُمْ وَ عِصِيَّهُمْ لا عن أمر إلهي بل عن حكم أسماء كانت عندهم لها في عيون الناظرين خاصية النظر إلى ما يريد الساحر إظهاره فله بتلك الأسماء قلب النظر لا قلب المنظور فيه و بالأمر الإلهي قلب المنظور فيه فيتبعه النظر فالنظر ما انقلب في حق النائب و الفعل في النظر و في المنظور فيه لم يكن إلا بعد الإلقاء فلما خرج عن ملك من ألقاه تولى اللّٰه قلب المنظور في حق النائب و قلب النظر في حق من ليس بنائب و له علم هذه الأسماء التي هي سيميا أي علامات على ما ظهر في أعين الناظرين فالعموم عند كشف الغطاء بالموت و انتقالهم إلى البرزخ يكونون هنالك مثل ما هم في الدنيا في أجسامهم سواء إلا أنهم انتقلوا من حضرة إلى حضرة أو من حكم إلى حكم و العارفون نواب الحق لهم هذا الحكم في الحياة الدنيا و إنما كانت النيابة هنا نيابة توحيد لأنه لا يظهر الحكم إلا بعد الإلقاء و هو أن يخرج الأمر من ملك الملقي فيتولاه اللّٰه بحكم الوكالة في حق النائب و بحكم الحقيقة في حق الساحر للغيرة الإلهية فلا يكون حكم في الأشياء إلا لله و بقي لصاحب هذه النيابة في هذه الحضرة التصرف دائما كما ذكرناه المسمى في العامة كرامات و آيات و خرق عوائد و هي عند المحققين ليست بخرق عوائد بل هي إيجاد كوائن لأنه ما ثم في نفس الأمر عوائد لأنه ما ثم تكرار فما ثم ما يعود و هو قوله في أصحاب العوائد بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ يقول إنهم لا يعرفون أنهم في كل لحظة في خلق جديد فما يرونه في اللحظة الأولى ما هو عين ما يرونه في اللحظة الثانية و هم في لبس من ذلك فلا إعادة فلا خرق هكذا يدركه المحققون من أهل اللّٰه و ليس الأمر إلا كما ذكرناه فإنه بهذا يكون الافتقار للخلق دائما أبدا و يكون الحق خالقا حافظا على هذا الوجود وجوده دائما بما يوجده فيه من خلق جديد لبقائه

فانظر فديتك فيما قد أتيت به فالعلم يدرك ما لا يدرك البصر
فرجال العلم أولى بالعبر و رجال العين أولى بالنظر
فالذي يوصف بالعقل له قوة تخرجه عن البصر
و الذي يوصف بالكشف له صورة تسمو على كل الصور
فتراه دائما في حاله ظاهرا من غير إلى غير
فيتصرف النائب في هذه الأغيار الخيالية كما يريد و يشاء و لكن عن أمر وكيله لجهل الموكل بالصالح التي يعرفها الوكيل في التصريف فإن غلط و تصرف عن غفلة بغير أمر الوكيل فإن اللّٰه يحفظ عليه وقته لكون الوكالة كما قلنا دورية و لكن مع هذا الحفظ الذي ذكرناه لا تكون الصورة الواقعة عن تصريف الغفلة تبلغ من الدرجة مبلغ الصورة التي تكون عن تصريف الوكيل الذي صرف فيه هذا النائب لتتميز المراتب و يعلم الرفيع و الأرفع و اعلم أن هذه المرتبة التي هي هذه النيابة الخاصة لا تكون إلا بالموت و الموت على قسمين موت اضطراري و هو المشهور في العموم و العرف و هو الأجل المسمى الذي قيل فيه إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون و الموت الآخر موت اختياري و هو موت في حياة دنياوية و هو الأجل المقضي في قوله تعالى ثُمَّ قَضىٰ أَجَلاً و لما كان هذا الأجل المقضي معلوم الوقت عند اللّٰه مسمى عنده كان حكمه في نفسه حكم الأجل المسمى و هو قوله عز و جل كُلٌّ يَجْرِي إِلىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى يعني في حاله و لا يموت الإنسان في حياته إلا إذا صحت له هذه النيابة فهو ميت لا ميت كالمقتول في سبيل اللّٰه نقله اللّٰه إلى البرزخ لا عن موت فالشهيد مقتول لا ميت و لما كان هذا المعتنى به قد قتل نفسه في الجهاد الأكبر الذي هو جهاد النفس رزقه اللّٰه حكم الشهادة فولاه لنيابة في البرزخ في حياته الدنيا فموته معنوي و قتله مخالفة نفسه و قد جئنا على ما ذكرناه أولا من ذكرنا هذه النيابات العشرة التي هي أمهات و أما ما تتضمنه كل نيابة من فعل كل ما لا يصلح إلا بنيابة فكثير لا يحصى و لله

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 288
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست