responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 151



هيهات أنت مقيد بخلافة أين السراح و باب كونك يفتح
و القلب خلف مغالق مجبولة ضاعت مفاتحها فليست تفتح
لا تفرحن بشرح صدرك إنه شرح لتعلم إن قيدك أرجح

[تكلم الناس في الشريعة و الحقيقة]

اعلم أيدك اللّٰه أيها الولي الحميم أن الناس تكلموا في الشريعة و الحقيقة قال اللّٰه تعالى لنبيه ص آمرا وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً يريد من العلم به من حيث ما له تعالى من الوجوه في كل مخلوق و مبدع و هو علم الحقيقة فما طلب الزيادة من علم الشريعة بل كان يقول اتركوني ما تركتكم و علم الشريعة علم محجة و طريق لا بد له من سالك و السلوك تعب فكان يريد التقليل من ذلك و غاية طريق الشريعة السعادة الحسية و ليست الحقيقة غايتها في العموم فإن من الناس من ينال الحقيقة في أول قدم يضعه في طريق الشريعة لأن وجه الحق في كل قدم و ما كل أحد يكشف له وجه الحق في كل قدم و الشريعة المحكوم بها في المكلفين و الحقيقة الحكم بذلك المحكوم به و الشريعة تنقطع و الحقيقة لها الدوام فإنها باقية بالبقاء الإلهي و الشريعة باقية بالإبقاء الإلهي و الإبقاء يرتفع و البقاء لا يرتفع فهذا المنزل يعطيك شرف الإنسان على جميع من في السماء الأرض و إنه العين المقصودة للحق من الموجودات لأنه الذي اتخذه اللّٰه مجلى و أعني به الإنسان الكامل لأنه ما كمل إلا بصورة الحق كما إن المرآة و إن كانت تامة الخلق فلا تكمل إلا بتجلى صورة الناظر فتلك مرتبتها و المرتبة هي الغاية كما إن الألوهة تامة بالأسماء التي تطلبها من المألوهين فهي لا ينقصها شيء و كمالها أعني الرتبة التي تستحقها الغني عن العالمين فكان له الكمال المطلق بالغنى عن العالمين و لما شاء أن يعطي كما له حقه و لم يزل كذلك و خلق العالم للتسبيح بحمده سبحانه لا لأمر آخر و التسبيح لله و لا يكون المسبح في حالة الشهود لأنه فناء عن الشهود و العالم لا يفتر عن التسبيح طرفة عين لأن تسبيحه ذاتي كالنفس للمتنفس فدل إن العالم لا يزال محجوبا و طلبهم بذلك التسبيح المشاهدة فخلق سبحانه الإنسان الكامل على صورته و عرف الملائكة بمرتبته و أخبرهم بأنه الخليفة في العالم و أن مسكنه الأرض و جعلها له دارا لأنه منها خلقه و شغل الملأ الأعلى به سماء و أرضا فسخر له مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ أي من أجله و احتجب الحق إذ لا حكم للنائب بظهور من استخلفه فاحتجب عن البصائر كما احتجب عن الأبصار

فقال رسول اللّٰه ص يخاطب الناس الذين يشبهون الإنسان في الصورة الحسية و هم نازلون عن رتبة الكمال إن اللّٰه احتجب عن البصائر كما احتجب عن الأبصار و إن الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم فكما لا تدركه الأبصار كذلك لا تدركه البصائر و هي العقول لا تدركه بأفكارها فتعجز عن الوصول إلى مطلوبها و الظفر به وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمٰاءَ كُلَّهٰا و أمره بتعليم الملإ الأعلى و أمر من في السموات و الأرض بالنظر فيما يستحقه هذا النائب فسخر له جميع من في السموات و الأرض حتى المقول عليه الإنسان من حيث تماميته لا من حيث كماليته فهذا النوع المشارك له في الاسم إذا لم يكمل هو من جملة المسخرين لمن كمل و الحق في كماله بالغنى عن العالمين و هو وحده أعني الإنسان الكامل يعبد ربه الغني عنه فكماله إن لا يستغني عنه و ما ثم من يعبده من غير تسبيح إلا الكامل فإن التجلي له دائم فحكم الشهود له لازم فهو أكمل الموجودات معرفة بالله و أدومهم شهودا و له إلى الحق نظران و لهذا جعل له عينين فينظر بالعين الواحدة إليه من كونه غنيا عن العالمين فلا يراه في شيء و لا في نفسه و ينظر إليه بالعين الأخرى من اسمه الرحمن بكونه يطلب العالم و يطلبه العالم فيراه ساري الوجود في كل شيء فيفتقر بهذه النظرة من هذه العين إلى كل شيء من حيث ما هي الأشياء أسماء الحق لا من حيث أعيانها فلا أفقر من الإنسان الكامل إلى العالم لأنه يشهده مسخرا له فعلم أنه لو لا ما هو عليه من الحاجة إلى ما سخروا فيه من أجله ما سخروا فيعرف نفسه أنه أحوج إلى العالم من العالم إليه فقام له هذا الفقر العام مقام الغني الإلهي العام فنزل في العالم في الفقر منزلة الحق من حيث الأسماء الإلهية التي تطلب التأثير في العالم فما ظهر في فقره إلا ظهور أسماء الحق فهو حق في غناه عن العالم لأن العالم مسخر في حقه بتأثير الأسماء الإلهية فيه أعني في العالم فما يسخر له إلا من له التأثير لا من حيث عين العالم فلم يفتقر إلا لله و هو حق في فقره إلى العالم فإنه لما علم إن اللّٰه ما سخر العالم لهذا الإنسان إلا ليشتغل العالم بما كلفهم من التسخير عن طلب العلم به من حيث الشهود فإن ذلك ليس لهم لأنهم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست