responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 97

هو لكونه إنسانا فإن الإنسانية عينه و إنما هو لكونه سلطانا و هي المرتبة فالعاقل من الناس يرى أن المتحكم في المملكة إنما هي المرتبة لا عينه إذ لو كان ذلك لكونه إنسانا فلا فرق بينه و بين كل إنسان و هكذا كل المظاهر فرجال اللّٰه ينظرون أنفسهم من حيث أعيانهم لا من حيث كونهم مظاهر فكانت المرتبة هي الحاكمة لا هم و هذه هي ثمرة الحق التي جنوها حين حكموا به و فازوا بالعبودة و العبودية عبادة الفرائض و عبادة النوافل

(السؤال الثالث و التسعون)و ما المحق

الجواب معطي الحق و هو الموصوف بالحكم العدل و ذلك أني أنبهك على تحقيق هذا الأمر فاعلم أن المحق إذا كان هو معطي الحق فليس إلا اللّٰه و مقصود الطائفة من المحق أن يكون الصادق الدعوى في طلب الحق الذي يستحقه و هي مسألة صعبة فإن اللّٰه أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ و هو ما يستحقه فقد أعطى كل شيء استحقاقه فهذا الطالب ما يستحقه كيف يصح أن يكون ممنوعا عنه ما يستحقه مع قوله أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ

[الطالب المحق لا يطلب ما لا تستحقه ذاته]

فلنقل اعلم أن قوله أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ إنما هو مما يقوم ذات ذلك الشيء من الفصول المقومة لذاته و أما ما تطلبه تلك الفصول من اللوازم و الأعراض فما أعطاه ذلك لأن أعراض كل ذات لا يتناهى ما دام موصوفا بالبقاء في الوجود و ما لا يمكن فيه التناهي لا يصح أن يدخل في الوجود بل على التتالي و التتابع فالطالب المحق هو الذي لا يطلب ما لا تستحقه ذاته من لوازمها و أعراضها كمن ليس من حقيقته أن يقبل التفكر فيطلب أن يتصف بالفكر فما هو محق في طلبه فإذا طلبه الإنسان إذا كان الغالب عليه الوقوف مع المحسوسات فله أن يطلب الاشتغال بالتفكر في خلق السموات و الأرض و جميع الآيات فهو محق في طلبه صادق الدعوى في نفي التفكر عنه لاستيلاء الغفلة عليه فهذا هو المحق الذي لا يعارض طلب حقه الذي يستحق بذاته طلبه قوله أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ فقد تبين لك كيف ينبغي لك أن تسأل و ما ذا تسأل فيه و من أوصاف المحق أن لا يسأل إلا من بيده قضاء ذلك الحق المسئول فإن لم يفعل فقد شكى إلى غير مشتكى

[سد باب الرسالة و النبوة لا الولاية]

كان شيخنا أبو العباس بن العريف الصنهاجى يقول في دعائه اللهم إنك سددت باب النبوة و الرسالة دوننا و لم تسد باب الولاية اللهم مهما عينت أعلى رتبة في الولاية لأعلى ولي عندك فاجعلني ذلك الولي فهذا من المحقين الذين طلبوا ما يمكن أن يكون حقا لهم و إن كانت النبوة و الرسالة مما يستحقه الإنسان عقلا لكون ذاته قابلة لها لكن لما علم أن اللّٰه قد سد بابها شرعا و سد باب نبوة الشرائع لم يسألها و سأل ما يستحقه فإن اللّٰه ما حجر الولاية علينا

[سؤال الوسيلة]

و من هذا الباب سؤال الوسيلة و إن لم يكن مثلها لكن يقرب منها و إنما ألحقناها بها في التشبيه لقرينة حال و هي درجة في الجنة لا ينالها أولا تنبغي إلا لرجل واحد قال صلى اللّٰه عليه و سلم و أرجو أن أكون أنا فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة فلو سأل واحد منا ربه الوسيلة في حق نفسه لما سأل ما لا يستحقه لأنه ربما لا ينالها إلا شخص هو على صفة مخصوصة و اللّٰه يقول لنا وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ إلا أنه لم يقل منه فقد يمكن أن يكون هذه من التوسل و تلك الصفة إما موهوبة أو مكتسبة و لم يعينها رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و لا حجرها على واحد بعينه و لم يقل إنها لا تنبغي إلا لمن هو أفضل عند اللّٰه من البشر و نحن نعلم أنه أفضل الناس عند اللّٰه بما نص على نفسه فكان يكون ذلك تحجيرا و لم ينص أيضا في وحدانية ذلك الشخص هل هو واحد لعينه أو واحد تلك الصفة فتكون الأحدية لتلك الصفة و لو ظهرت في ألف لكان كل واحد من الألف له الوسيلة لأن تلك الصفة تطلبها فلما لم يقع من الشارع شيء من هذا كله ساغ لنا أن نطلبها لأنفسنا و لكن يمنعنا من ذلك الإيثار و حسن الأدب مع اللّٰه في حق رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم الذي اهتدينا بهديه و قد طلب منا أن نسأل اللّٰه له الوسيلة فتعين علينا أدبا و إيثارا و مروءة و مكارم خلق أن لو كانت لنا لوهبناها له إذ كان هو الأولى بالأفضل من كل شيء لعلو منصبه و ما عرفناه من منزلته عند اللّٰه

[قيمة المثل في الحكم المشروع]

و نرجوا بهذا أن يكون لنا في الجنة ما يماثل تلك الدرجة مثل قيمة المثل عندنا في الحكم المشروع في الدنيا و ذلك أن بيننا و بينه صلى اللّٰه عليه و سلم أخوة الايمان و إن كان هو السيد الذي لا يقاوم و لا يكاثر و لكن قد انتظم معنا في سلك الايمان فقال تعالى إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ و

ثبت في الشرع أن الإنسان إذا دعي لأخيه بظهر الغيب قال الملك له و لك بمثله و لك بمثليه فإذا دعونا له بالوسيلة و هو غائب عنا قال الملك و لك بمثله فهي له و المثل للداعي فينال من درجات مجموعه ما يناله صاحب الوسيلة من الوسيلة مثل قيمة المثل لأن الوسيلة لا مثل لها أي ما ثم درجة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 97
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست