responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 96

فعصى اللّٰه في أمره فسماه اللّٰه كافرا فإنه جمع بين المعصية و الجهل و الإنسان ادعى أنه الرب الأعلى فلهذا خص بالخطاب في قوله أَ وَ لاٰ يَذْكُرُ الْإِنْسٰانُ فلذا قلنا الفناء أي أحاله على هذه الصفة أن يكون مستحضرا لها

[الفعل الإلهي الخاص بكل مخلوق]

و أما الفعل الخاص بكل خلق فهو إعطاؤه ما يستحقه كل خلق مما تقضيه الحكمة الإلهية و هو قوله أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدىٰ أي بين أنه تعالى أعطى كل شيء خلقه حتى لا يقول شيء من الأشياء قد نقصني كذا فإن ذلك النقص الذي يتوهمه هو عرض عرض له لجهله بنفسه و عدم إيمانه إن كان وصل إليه قوله أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ فإن المخلوق ما يعرف كماله و لا ما ينقصه لأنه مخلوق لغيره لا لنفسه فالذي خلقه إنما خلقه له لا لنفسه فما أعطاه إلا ما يصلح أن يكون له تعالى و العبد يريد أن يكون لنفسه لا لربه فلهذا يقول أريد كذا و ينقصني كذا فلو علم أنه مخلوق لربه لعلم أن اللّٰه خلق الخلق على أكمل صورة تصلح لربه أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين و هذه المسألة مما أغفلها أصحابنا مع معرفة أكابرهم بها و هي مما يحتاج إليها في المعرفة المبتدي و المنتهي و المتوسط فإنها أصل الأدب الإلهي الذي طلبه الحق من عباده و ما علم ذلك إلا القائلون رَبَّنٰا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً و أما الذين قالوا أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ الدِّمٰاءَ فما وقفوا على مقصود الحق من خلقه الخلق و لو لم يكن الأمر كما وقع لتعطل من الحضرة الإلهية أسماء كثيرة لا يظهر لها حكم

[كل أمر يظهر في العالم إنما هو لإظهار حكم اسم إلهى]

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم لو لم تذنبوا لجاء اللّٰه بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر اللّٰه لهم فنبه إن كل أمر يقع في العالم إنما هو لإظهار حكم اسم إلهي و إذا كان هكذا الأمر فلم يبق في الإمكان أبدع من هذا العالم و لا أكمل فما بقي في الإمكان إلا أمثاله إلى ما لا نهاية له فاعلم ذلك فهذا فعله في الخلق و أما الجواب العام في هذه المسألة أن يقال فعله في الخلق ما هو الخلق عليه في جميع أحواله

(السؤال الحادي و التسعون)و بما ذا و كل يعني الحق

الجواب وكل بتمشية أوامر اللّٰه و إنفاذ كلماته لا غير فهو مخصوص بالشرائع الإلهية سنها من سنها كما قال تعالى وَ رَهْبٰانِيَّةً ابْتَدَعُوهٰا مٰا كَتَبْنٰاهٰا عَلَيْهِمْ فذمهم لما لم يرعوها فقال فَمٰا رَعَوْهٰا حَقَّ رِعٰايَتِهٰا و

قال صلى اللّٰه عليه و سلم من سن سنة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها

[الخير ثوابه بذاته و الشرع مبين توقيت الثواب]

فالخير يطلب الثواب بذاته و الشرع مبين للناس توقيت ذلك الثواب كقوله مَنْ جٰاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثٰالِهٰا و قال اللّٰه لداود يٰا دٰاوُدُ إِنّٰا جَعَلْنٰاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ لمن تقدمك أو نيابة عنا بالاسم الظاهر الذي لنا فقد خلعناه عليك لتظهر به في خلقي فَاحْكُمْ بَيْنَ النّٰاسِ بِالْحَقِّ وَ لاٰ تَتَّبِعِ الْهَوىٰ فعرفنا إن الحق سبحانه قد وكل الحق بتمشية دينه فقال لخلفائه احكموا بما يقتضيه أمر هذا الوكيل و لا تتبعوا الهوى و هو إرادة النفوس التي يخالفها حكم الحق الموكل بتمشية الكلمات الإلهية المشروعة و كل مخاطب راع و مسئول عن رعيته فكان العدل صفة هذا الحق الذي وكله اللّٰه أن يصرفها في المخلوقات بمساعدة الخلفاء و اللّٰه المرشد

(السؤال الثاني و التسعون)و ما ثمرته يعني فيمن حكم به من الخلفاء

الجواب الوقوف دائما مع العبودة هذه ثمرته و لكن جوائح الربوبية تمنع من ظهور هذه الثمرة و لا سيما في البشر و لكن له ثمرة أخرى دون هذه الثمرة و هو أن يكون الحق سمعه و بصره و جميع قواه ثم إن له في كل شخص من الثمر بحسب ما أمضاه في سلطانه من أحكامه و أما ثمرته التي يعمل عليها و لها أكثر العقلاء من أهل اللّٰه فتهيؤ مراداتهم بمجرد الهمم فمنهم من ينال ذلك في الدنيا و منهم من يدخر له ذلك إلى يوم القيامة

[مقام راحة الأبد]

فإن أكابر الرجال مع معرفتهم بما خلقوا له لو وقفوا مع التكوين قوبلوا و لكنهم تركوا الحق يتصرف في خلقه كما هو في نفس الأمر و أبوا أن يكونوا محلا لظهور التصريف و إن ظهر عليهم من ذلك شيء فما هو عن قصد منهم لذلك و لكن اللّٰه أجراه لهم و أظهره عليهم لحكمة علمها الحق و هؤلاء عن ذلك بمعزل و أما إن يقصدوا ذلك فلا يتصور منهم إلا أن يكونوا مأمورين كالرسل عليهم السلام فذلك إلى اللّٰه و هم لاٰ يَعْصُونَ اللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ فإنهم معصومون من إضافة الأفعال إليهم إذا ظهرت منهم فيقولون هي للظاهر من أسمائه في مظاهره فما لنا و للدعوى فنحن لا شيء في حال كوننا مظاهر له و في غير هذه الحال و هذا المقام يسمى راحة الأبد و القائم فيه مستريح و هذا هو الذي و في الربوبية حقها

[الحكم للمرتبة لا للعين]

لأن الحكم للمرتبة لا للعين أ لا ترى أن السلطان تمشي أوامره في مملكته فلا يعصى و يخاف و يرجى و ما

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 96
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست