responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 683

المحيط بالأرض و قد خلق اللّٰه حية على شاطئ ذلك البحر بين البحر و الجبل دارت بجسمها بالبحر المحيط إلى أن اجتمع رأسها بذنبها فوقفنا عندها فقال لي صاحبي سلم عليها فإنها ترد عليك قال موسى فسلمت عليها فقالت و عليك السلام و رحمة اللّٰه و بركاته ثم قالت لي كيف حال الشيخ أبي مدين و كان أبو مدين ببجاية في ذلك الوقت فقلت لها تركته في عافية و ما علمك به فتعجبت و قالت و هل على وجه الأرض أحد لا يحبه وجهها إنه و اللّٰه مذ اتخذه اللّٰه وليا نادى به في ذواتنا و أنزل محبته إلى الأرض في قلوبنا فما من حجر و لا مدر و لا شجر و لا حيوان إلا و هو يعرفه و يحبه فقلت لها و اللّٰه لقد ثم أناس يريدون قتله لجهلهم به و بغضهم فيه فقالت ما علمت إن أحدا يكون على هذه الحال فيمن أحبه اللّٰه فهذا من ذلك الباب و منه شهادة الأيدي و الأرجل و الجلود و الأفواه و الألسنة التي هي في نظرنا خرس هي ناطقة في نفس الأمر فكل مخلوق ما عدا بنى آدم في مقام الخشوع و التواضع إلا الإنسان فإنه يدعي الكبرياء و العزة و الجبروت على اللّٰه تبارك و تعالى و أما الجن فتدعى ذلك على من دونها في زعمها من المخلوقين كاستكبار إبليس من حيث نشأته على آدم عليه السلام و لذا قال أَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً لأنه رأى عنصر النار أشرف من عنصر التراب و قال أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نٰارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ فلم يتكبر على اللّٰه عز و جل فاختص الإنسان وحده من سائر المخلوقات بهذه الصفة فلما حصلت مثل هذه الدعوى في الوجود و تحققت من المدعي في نفسه و فيمن اعتقد ذلك فيه مثل فرعون و من استخف من قومه جعل اللّٰه في الوجود أفعل من كذا بمعنى المفاضلة كالمقرر لتلك الدعوى و المثبت لها فقال اللّٰه أكبر فأتى بلفظة افعل و

قال صلى اللّٰه عليه و سلم اللّٰه أعلى و أجل فأتى بأفعل فكل افعل من كذا المنعوت به جلال اللّٰه فسببه مشاركة الدعوى في تلك الصفة لكن منها محمود و مذموم فالمذموم ما ادعاه فرعون و المحمود مثل قوله تعالى عن نفسه إنه أَرْحَمُ الرّٰاحِمِينَ و أَحْسَنُ الْخٰالِقِينَ فأتى بأفعل و أثنى على الرحماء من عباده بأن جعل نفسه أرحم منهم بخلقه و أما تقريره العام فإن الرحمة منهم حقيقة أوجدها فيهم فتراحموا بها و أوجد الكبرياء في الإنسان بالصورة فتكبر به فإن قلت إذا ورد أفعل فليس هو المقصود به أفعل من قلنا فالله يقول أَحْسَنُ الْخٰالِقِينَ و هو هنا افعل من بلا شك و كذلك في حق الإنسان لما قال تعالى أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ فكل موجود فهو على التقويم الذي يعطيه خلقه و قال في الإنسان إنه خلقه فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ أي التقويم الذي خلقه عليه أفضل من كل تقويم و ما صحت له هذه الصفة التي فضل بها على غيره إلا بكونه خلقه اللّٰه على صورته فإن قلت فهذا التغيير الذي يطرأ على الإنسان في نفسه و صورة الحق لا تقبل التغيير قلنا اللّٰه يقول في هذا المقام سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلاٰنِ و

قال صلى اللّٰه عليه و سلم فرغ ربك و قال يتجلى في أدنى صورة ثم يتحول عند إنكارهم إلى الصورة التي عرفوه فيها بالعلامة التي يعرفونها فقد أضاف إلى نفسه هذا المقام و هو العلي عن مقام التغيير بذاته و التبديل و لكن التجليات في المظاهر الإلهية على قدر العقائد التي تحدث للمخلوقين مع الآنات تسمى بهذا المقام و إذا كان الأمر على ما ذكرناه و كذلك هو فيصح ما ذكرناه و يرتفع الاعتراض الوهمي تعالى اللّٰه علوا كبيرا*

[الحروف المرقومة في الصحف يفهم منها كلام اللّٰه]

و مما يتضمن هذا المنزل من العلوم علم أسماء الأسماء و أن لها من الحرمة ما للمسمى بأسمائها فالحروف المرقومة في الصحف أعيان كلام يفهم منها كلام اللّٰه الذي هو موصوف به و لما ذا يرجع ذلك الوصف علم آخر اختلف الناس فيه و لا حاجة لنا في الخوض في ذلك فالحق سبحانه من كونه متكلما يذكر نفسه بأسمائه بحسب ما ينسب إليه الكلام الذي لا تكليف نسبته و لتلك الأسماء أسماء عندنا في لغة كل متكلم فيسمى بلغة العرب الاسم الذي سمي به نفسه من كونه متكلما اللّٰه و بالفارسية خداي و بالحبشية واق و بلسان الفرنج كربطور و هكذا بكل لسان فهذه أسماء تلك الأسماء و تعددت لتعدد النسب فهي معظمة في كل طائفة من حيث ما تدل عليه و لهذا نهينا عن السفر بالمصحف إلى أرض العدو و هو خط أيدينا أوراق مرقومة بأيدي المحدثات بمداد مركب من عفص و زاج فلو لا هذه الدلالة لما وقع التعظيم لها و لا الحقارة و لهذا يقال كلام قبيح و كلام حسن في عرف العادة و في عرف الشرع و أمثال ذلك و سببه مدلول هذه الألفاظ في الاصطلاح و الوضع و هذا علم شريف لا يدركه سوى أهل الكشف على ما هو

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 683
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست