responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 679

إلا أهل طريقنا خاصة حكى القشيري أن رجلا رأى شخصا راكبا على حمار و هو يضرب رأس الحمار فنهاه عن ذلك فقال له الحمار دعه فإنه على رأسه يضرب فمن عرف الجزاء كيف لا يعرف ما سخر له و قد رأينا من مثل هذا كثيرا من الجمادات و الحيوانات و قد طال الكلام و هذا القدر كاف في معرفة ترتيب العالم الذي هو أحد أقسام ما يحتوي عليه هذا المنزل من العلوم وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب السادس و التسعون و مائتان في معرفة منزل انتقال صفات أهل السعادة
إلى أهل الشقاء في الدار الآخرة من الحضرة الموسوية»



غشيت منازلا لمقام صدق لها في قلب نازلها خشوع
و نار الاصطلام لها وقود إذا ما ابتز خلعتها الضجيع
و أغذية العلوم تزيد حرصا و لا يذهب لها عطش و جوع
و لو طعم الوجود لمات جوعا و يحييه الخريف أو الربيع
بخلق ثم صلب في سطوح يجليها لرفعتها الرفيع
فعلم من تشاء بغير قهر عسى وقتا يكون له رجوع
يريد في البيت الخامس قوله تعالى أَ فَلاٰ يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَ إِلَى السَّمٰاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَ إِلَى الْجِبٰالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَ إِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ يريد الاعتبار في ذلك

[أن درجات الجنة على عدد دركات النار]

اعلم وفقنا اللّٰه و إياك أن درجات الجنة على عدد دركات النار فما من درج إلا و يقابله درك من النار و ذلك أن الأمر و النهي لا يخلو الإنسان إما أن يعمل بالأمر أو لا يعمل فإن همل به كانت له درجة في الجنة معينة لذلك العمل خاصة و في موازنة هذه الدرجة المخصوصة لهذا العمل الخاص إذا تركه الإنسان درك في النار لو سقطت حصاة من تلك الدرجة في الجنة لوقعت على خط استواء في ذلك الدرك من النار فإذا سقط الإنسان من العمل بما أمر فلم يعمل كان ذلك الترك لذلك العمل عين سقوطه إلى ذلك الدرك قال تعالى فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوٰاءِ الْجَحِيمِ فالاطلاع على الشيء من أعلى إلى أسفل و السواء حد الموازنة على الاعتدال فما رآه إلا في ذلك الدرك الذي في موازنة درجته فإن العمل الذي نال به هذا الشخص تلك الدرجة تركه هذا الشخص الآخر الذي كان قرينه في الدنيا بعينه فانظر إلى هذا العدل الإلهي ما أحسنه و هما الرجلان اللذان ذكرهما اللّٰه في سورة الكهف المضروب بهما المثل و هو قوله تعالى وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ إلى آخر الآيات في قصتهما في الدنيا و ذكر في الصافات حديثهما في الآخرة في قوله تعالى قٰالَ قٰائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كٰانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ و فيها ذكر المعاتبة و في قوله تَاللّٰهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ لما اطلع عليه فَرَآهُ فِي سَوٰاءِ الْجَحِيمِ و هو قوله مٰا أَظُنُّ السّٰاعَةَ قٰائِمَةً و

ورد في الأخبار الإلهية الصحاح عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم عن ربه عز و جل فيما يقوله لعبده يوم القيامة أ فظننت إنك ملاقي فلنمثل لك منها الأمهات التي بنى الإسلام عليها و هي خمسة لا إله إلا اللّٰه و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صيام رمضان و حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً فمن الناس من آمن بها كلها فسعد و منهم من كفر بها كلها فشقي و منهم من آمن ببعضها و كفر ببعضها فهو ملحق بالكافر إلحاق حق و هكذا جميع الأوامر و النواهي التي تقتضيها فروع الشريعة في جميع حركات الإنسان و سكونه في الايمان بالحكم المشروع فيها و الكفر و العمل المشروع فيها بظاهر الإنسان المكلف و باطنه و ترك العمل و يحصر ذلك عقد و قول و عمل و في مقابلته حل و صمت و ترك عمل هذه مقابلة من وجه في حق قوم و مقابلة أخرى في حق قوم أو هذا الشخص بعينه و هو عقد مخالف لعقد و قول يخالف قولا و عمل مخالف لعمل إذ كان لا يلزم من صاحب الحل أن يكون قد عقد أمرا آخر فإن الحل إنما متعلقة ذلك العقد الإيماني بذلك المعقود عليه فأسقطه المعطل فلم يرتبط بعقد آخر و شخص آخر عقد على وجود الشريك لله فحل من عنقه عقد حبل التوحيد و عقد حبل التشريك فلهذا فصلنا الأمر على ما يكون عليه في الدار الآخرة موازنا لحالة الدنيا و هذا صورة الشكل في الأمهات و عليها نأخذ جميع المأمور بها و المنهي عنها من العمل بالمأمور و القول به و الايمان به و ترك ذلك حلا و عقدا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 679
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست