responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 675

علم الآخرة و ما يتعلق بها من حين وقوف الناس على الجسر دون الظلمة إلى أن يدخلوا منازلهم من الشقاء و السعادة فهذا جميع ما يتضمنه هذا المنزل من العلوم قد نبهتك عليها لترتفع الهمة إلى طلبها فلنذكر منها مسألة أو أكثر على قدر ما يتسع الكلام مع الاختصار دون الإطالة و الإكثار فأقول وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

[خلق الأرواح الملكية المهيمة و الكروبيون]

اعلم أن اللّٰه لما خلق الأرواح الملكية المهيمة و هم الذين لا علم لهم بغير اللّٰه لا يعلمون أن اللّٰه خلق شيئا سواهم و هم الكروبيون المقربون المعتكفون المفردون المأخوذون عن أنفسهم بما أشهدهم الحق من جلاله اختص منهم المسمى بالعقل الأول و الأفراد منا على مقامهم فجلال اللّٰه في قلوب الأفراد على مثل ذلك فلا يشهدون سوى الحق و هم خارجون عن حكم القطب الذي هو الإمام و هو واحد منهم و لكنه يكون مادته من العقل الأول الذي هو أول موجود من عالم التدوين و التسطير و هو الموجود الإبداعي ثم بعد ذلك من غير بعدية زمان انبعث عن هذا العقل موجود انبعاثي و هو النفس و هو اللوح المحفوظ المكتوب فيه كل كائن في هذه الدار إلى يوم القيامة و ذلك علم اللّٰه في خلقه و هو دون القلم الذي هو العقل في النورية و المرتبة الضيائية فهو كالزمردة الخضراء لانبعاث الجوهر الهبائي الذي في قوة هذه النفس فانبعث عن النفس الجوهر الهبائي و هو جوهر مظلم لا نور فيه و جعل اللّٰه مرتبة الطبيعة بين النفس و الهباء مرتبة معقولة لا موجودة ثم بما أعطى اللّٰه من وضع الأسباب و الحكم و رتب في العالم من وجود الأنوار و الظلم لما يقتضيه الظاهر و الباطن كما جعل الابتداء في الأشياء و الانتهاء في مقاديرها بأجل معلوم و ذلك إلى غير نهاية فما ثم إلا ابتداءات و انتهاءات دائمة من اسميه الأول و الآخر فعن تينك الحقيقتين كان الابتداء و الانتهاء دائما فالكون جديد دائما فالبقاء السرمدي في التكوين فأعطى لهذه النفس لما ذكرناه قوة عملية عن تلك القوة أوجد اللّٰه سبحانه بضرب من التجلي الجسم الكل صورة في الجوهر الهبائي و ما من موجود خلقه اللّٰه عند سبب إلا بتجل إلهي خاص لذلك الموجود لا يعرفه السبب فيتكون هذا الموجود عن ذلك التجلي الإلهي و التوجه الرباني عند توجه السبب لا عن السبب و لو لا ذلك لم يكن ذلك الموجود و هو قوله سبحانه و تعالى فينفخ فيه فلم يكن للسبب غير النفخ فيكون طائرا بإذن اللّٰه فالطائر إنما كان لتوجه أمر اللّٰه عليه بالكون و هو قوله تعالى كُنْ بالأمر الذي يليق بجلاله فلما أوجد هذا الجسم الأول لزمه الشكل إذ كانت الأشكال من لوازم الأجسام فأول شكل ظهر في الجسم الشكل المستدير و هو أفضل الأشكال و هو للاشكال بمنزلة الألف للحروف يعم جميع الأشكال كما إن حرف الألف يعم جميع الحروف بمروره هواء من الصدر على مخارجه إلى أن يجوز الشفتين فهو يظهر ذوات الحروف في المخارج فإذا وقف في الصدر ظهر حرف الهاء و الهمزة في أعيانهما عن حرف الألف فإذا انتقل من الصدر إلى الحلق و وقف في مراتب معينة في الحلق أظهر في ذلك الوقوف وجود الحاء المهملة ثم العين المهملة ثم الخاء المعجمة ثم الغين المعجمة ثم القاف المعقودة ثم الكاف و أما القاف التي هي غير معقودة فهي حرف بين حرفين بين الكاف و القاف المعقودة ما هي كاف خالصة و لا قاف خالصة و لهذا ينكرها أهل اللسان فأما شيوخنا في القراءة فإنهم لا يعقدون القاف و يزعمون أنهم هكذا أخذوها عن شيوخهم و شيوخهم عن شيوخهم في الأداء إلى أن وصلوا إلى العرب أهل ذلك اللسان و هم الصحابة إلى النبي صلى اللّٰه عليه و سلم كل ذلك أداء و أما العرب الذين لقيناهم ممن بقي على لسانه ما تغير كبني فهم فإني رأيتهم يعقدون القاف و هكذا جميع العرب فما أدري من أين دخل على أصحابنا ببلاد المغرب ترك عقدها في القرآن و هكذا حديث سائر الحروف إلى آخرها و هو الواو و ليس وراء الواو مرتبة لحرف أصلا و ليس للاشكال في الأجسام حد ينتهي إليه يوقف عنده لأنه تابع للعدد و العدد في نفسه غير متناه فكذلك الأشكال فأول شكل ظهر بعد الاستدارة المثلث و من المثلث المتساوي الأضلاع و الزوايا تمشي الأشكال في المجسمات إلى غير نهاية و أفضل الأشكال و أحكمها المسدس و كلما اتسع الجسم و عظم قبل الكثير من الأشكال ثم أمسك اللّٰه الصورة الجسمية في الهباء بما أعطته الطبيعة من مرتبتها التي جعلناها بين النفس و الهباء و لو لم يكن هنالك مرتبتها لما ظهر الجسم في هذا الجوهر و لا كان له فيه ثبوت فكانت الطبيعة للنفس كالآلة للصانع التي يفتح بها الصور الصناعية في المواد فظهر الجسم الكل في هذا الجوهر عن النفس بآلة الحرارة و ظهرت الحياة فيه بمصاحبة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 675
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست