responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 670

من الجسمية كما غاب عنهم في هذه الدار في البشر الروحانية المبطونة في الأجسام فكانت الأجسام قبورا لها و في الآخرة بالعكس الأرواح قبور الأجسام فلهذا أنكروا ذلك و الكشف التام الذي فزنا به و أصحابنا هنا و في الآخرة إنا كشفنا الأرواح هنا و غلب الأجسام الطبيعية عليها في الصورة الظاهرة فلا يرى من الأرواح في ظاهر الأجسام إلا آثارها و لو لا الموت و النوم ما عرف غير المكاشف إن ثم أمرا زائدا على ما يشاهده في الظاهر و مع وجود الموت و السكون و ظهور الجسم عريا عما كان له من الآثار ذهبت طائفة إلى هذا المذهب و هم الحشيشية فما رأت أن ثم خلف هذه الصورة الظاهرة شيئا أصلا فكيف بهؤلاء لو لم يكن موت في العالم و يتضمن هذا المنزل معرفة العالم العلوي و ترتيب صورته في تركيبه و إنه على خلاف ما يذكره أصحاب علم الهيئة و إن كان ما قالوه يعطيه الدليل و يجوز أن يكون اللّٰه يرتبه على ذلك و لكن ما فعل مع أنه يعطي هذا الترتيب ما يعطيه ما ذهب إليه أصحاب علم الهيئة و يتضمن علم ما أودع اللّٰه في العالم السفلي في ترتيبه من الأمور و يتضمن معرفة المكلفين و من أين كلفت و ما يحركهم و يتضمن علم القربات و يتضمن علم سبب قصم الجبابرة المتكبرين على اللّٰه و يتضمن إلحاق الحيوان بالإنسان في العلم بالله و يتضمن علم العواقب و ما آل كل عالم فقد ذكرت رءوس و مسائله وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب الرابع و التسعون و مائتان في معرفة المنزل المحمدي المكي من الحضرة الموسوية»



حرم اللّٰه قلب كل نبي و كذا قيل قلب كل ولي
ورثوه و ورثوه بينهم في علوم و في مقام علي
فإذا ما نسبت للشرع علما فاطلب العلم في حروف الروي
و بحار لها معارف نور في شريف محقق و دني
و نبي مطهر و رسول و فقير ممردك و غني
و نعيم مرتب في علو و عذاب مقسم في ركي

[هل للعدم مرتبة عند اللّٰه أم لا]

اعلم أن هذا المنزل يتضمن علم مرتبة العالم عند اللّٰه بجملته و هل العدم له مرتبة عند اللّٰه يتعين تعظيمه من أجلها أم لا و هل من خلق من أهل الشقاء المغضوب عليه له مرتبة تعظيم عند اللّٰه أم لا و هل التعظيم الإلهي له أثر في المعظم بحيث أن يسعد به أم لا و ما سبب تعظيم اللّٰه العالم و هل لمن عظم العالم من الخلق صفة يعرف بها أم لا و ما الأسماء الإلهية التي تضاف إلى المخلوقين في مذهب من يقول ما أقسم اللّٰه قط إلا بنفسه لكن أضمره تارة و أظهره في موطن آخر ليعلم أنه مضمر فيما لم يذكر و جميع ما يتعلق بهذا الفن يتضمنه هذا المنزل إن ذكرناها على التفصيل طال الكلام

[هل يشارك الإنسان و الحيوان في الخلق أم لا من العالم]

و مما يتضمن هذا المنزل علم خلق الإنسان من العالم و هل الحيوان مشارك له في هذا الخلق أم هو خصيص به و لم خص بهذا الضرب من الخلق و إن كان يشاركه الحيوان فيه فلم عين الإنسان بالذكر وحده و لما ذا ذكرت لفظة الإنسان في القرآن حيثما ذكرت و نيط بذكرها إما الذم و إما الضعف و النقص و إن ذكر بمدح أعقبه الذم منوطا به فالذم كقوله إِنَّ الْإِنْسٰانَ لَفِي خُسْرٍ إِنَّ الْإِنْسٰانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ و الضعف و النقص مثل قوله خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ مِنْ سُلاٰلَةٍ مِنْ طِينٍ و قوله لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ فِي كَبَدٍ و الذم العاقب للمدح كقوله لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ هذا مدح ثُمَّ رَدَدْنٰاهُ أَسْفَلَ سٰافِلِينَ هذا ذم و يتضمن علم مال أصحاب الدعاوي التي تعطيها رعونة الأنفس و يتضمن تقرير النعم الحسية و المعنوية و يتضمن التخلق بالأسماء و يتضمن علم القوة التي أعطيها الإنسان و أن لها أثرا و في ذلك رد على الأشاعرة و تقوية للمعتزلة في إضافة الأفعال إلى المكلفين و يتضمن علم ما يقع فيه التعاون و يتضمن علم مال عرف الدليل و تركه لهوى نفسه فهذا جميع رءوس ما يتضمنه هذا المنزل من المسائل و هي تتشعب إلى ما لا يحصى كثرة إلا عن مشقة كبيرة فأما مرتبة العالم عند اللّٰه بجملته

[إن اللّٰه تعالى خلق العالم دليلا على معرفته]

فاعلم إن اللّٰه تعالى ما خلق العالم لحاجة كانت له إليه و إنما خلقه دليلا على معرفته ليكمل بذلك ما نقص من مرتبة الوجود و مرتبة المعرفة فلم يرجع إليه سبحانه من خلقه وصف كمال لم يكن عليه بل له الكمال على الإطلاق و لا أيضا كان العالم في خلقه مطلوبا لنفسه لأنه ما طرأ عليه من خلقه صفة كمال بل له النقص الكامل على الإطلاق سواء

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 670
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست