responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 657

و من هنا وقع الخلاف بين أهل الكشف فمن كشف رجوع أعيان الصور التي كانت موجودة إلى كونها ثابتة غير موجودة قال بأن الريح العقيم قد أنتجت في حضرة الثبوت ما كان قد خرج عنها و هو مشهود للحق و به تعلقت المشيئة بقوله إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أي يردكم إلى الحالة التي كنتم موصوفين فيها بالعدم و إنما كان هذا عقما لأنه لم يظهر عنه وجود العين لنفسه و إن كان ظاهرا مشهودا لخالقه و من لم يشهد رجوع أعيان الصور الموجودة إلى العدم عند توجه المشيئة أو هبوب الريح العقيم قال إن ذلك لا ينتج شيئا فإن الإيجاد للاقتدار لا للمشيئة فقط و للريح اللاقحة لا للعقيم إذ لو ظهر شيء وجودي عنها لم تكن عقيما فهذا سبب الخلاف بين أهل الكشف فمتعلق النافي عين الوجود و متعلق المثبت عين الثبوت فما تواردا على شيء واحد فلا خلاف في الحقيقة إذ كان هذا الطريق عند المحققين منا لا يتصور فيه خلاف إلا أن يكون مثل هذا و هذا خلاف لفظي فإذا فسر كل واحد ما أراده بذلك اللفظ ارتفع الخلاف و يكفي ما أومأنا إليه*

[اختلاف المظهرين باختلاف المنازل]

و من هذا المنزل التجلي الشمسي لما وقع التشبه عند علماء الرسوم في رفع الشك عن الرائي في المرئي بالشمس و القمر ليلة البدر و هو من بعض الوجوه المقصودة في هذا الحديث و لكن عرف المحققون زائدا على هذا أن المظهرين مختلفان و أن التجلي المشبه بالقمر ليلة البدر مظهر خاص لأنه قال ليلة البدر و لم يقل في إبداره فأضافه إلى الليلة فإني أشاهده بدرا مع وجود الشمس بالنهار فما أضافه إلى الليلة إلا لأمر عرفه المحققون و ليس هذا منزل الكلام عليه و لكن هذا المنزل يتضمن منزل التجلي في الشمس فإن الحق يتعالى عند المحققين أن يتجلى في صورة واحدة مرتين أو لشخصين فلا تكرار في أمر عند الحق للإطلاق الذي هو عليه و الاتساع الإلهي و التكرار مؤد إلى الضيق و التقييد فاعلم إن التجلي الشمسي أي المشبه بالشمس هو يسمى عندنا التجلي الأوسع و هو التجلي الذي لا يفنى الإنسان عن رؤية نفسه فيه و قد أومأنا إليه في أول هذا الكتاب في باب الأرض التي خلقت من بقية الطينة الآدمية و هذا التجلي مظهر ذاتي عجيب و نسب التجلي فيه إلى معلوله لا إلى علته مع ظهور العلة في معلولها عينا محققة مجهولة الكيفية كظهور الشمس في النهار مع كون النهار معلولا عن ظهور الشمس و نور السراج عن السراج المنبسط في زوايا الكون فمثل هذا يسمى شهود العلة و معلولها معا فكل تجل لا يغنيك عنك فهو بهذه المثابة و إنما سمي أوسع لأن المشاهد يعم رؤيته المتجلي و المتجلي فيه و له و غير الأوسع لا تشاهد غيره لا نفسك و لا غيرك و لا تعلم شهودك و لا ما أنت فيه حتى تعود إليك و يقع الحجاب فلو قرع الحجاب كان ذلك التجلي مقيدا ضيقا إذ قيده الحجاب و الأوسع يظهر في الحجاب و في غير الحجاب و يفرق الشاهد بين الصورتين و لهذا يقال فيهم ردوهم إلى قصورهم للاشارة إلى عجزهم أي يحبسون فيه و هنا بحور تحوي على أنواع من نفيس الجواهر لا يدركها إلا كل غواص واسع النفس عاشق في الغيب فقد بينت لك المقصود من هذا التجلي الذي يحويه هذا المنزل و فوائده لا تحصى لو ذهبنا نذكرها ما وسعها ديوان فإن له التأبيد في العالم العلوي في الدنيا و له التأبيد في العالم الأخروي السفلي و ما ثم تجل يجمع فيما يكون عنه بين الضدين من ألم و لذة إلا هذا التجلي و هو كتجلي المحبوب للمحب يعانق غيره و يقبله فهو من نظره في لذة و من نظره في ألم و من هذا المنزل معرفة الجود المقيد بالخوف و الجزاء و مرتبة الصدق و إن قبح و مرتبة الكذب و إن حسن و الغني المكتسب و هو الغني العرضي و علامات السعادة و علامات الشقاء*

[اختلاف سبب العطاء]

و اعلم أن أسباب العطاء تختلف فمنهم من يعطي للعوض و يسمى شراء و بيعا ففيه من الجود إن المشتري قد أنعمت عليه من كونك بائعا ماله غرض عظيم في تحصيله و قد أعطاك هو ما هو مستغن عنه فكل واحد منهما قد جاد على صاحبه بإيصاله إليه ما كان له غرض في تحصيله إذ كان له منع ذلك فبهذا القدر يلحق بباب الجود من جهة المعطي له اسم مفعول لا من جهة المعطي اسم فاعل و قد يعطي الإنسان من هذا الباب خوفا على عرضه أو حلول آلام حسية تحل به فكأنه يشتري الثناء الحسن و العافية و الأمن بذلك العطاء فهو كالأول و الفرق بينهما إن الذي اشترى به في الأول هو مما يمكن أن يكون له فيه غرض و هذا لا يمكن أن يكون له في الألم و إزالة العافية و الأمن غرض أصلا و من يقول بخلاف هذا من أصحابنا إن كان محققا كأبي يزيد في قوله

و كل مآربي قد نلت منها سوى ملذوذ وجدي بالعذاب

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 657
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست